كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 6)
أحدُهُمَا: وبه أجاب الإمَامُ لا؛ لأنَّه إذا فَرَّق لم تَظهَرْ فائدةُ التعريفِ، فعلَى هذا إذا قطعَ التَّعريفَ مُدَّةً، وجب الاستئناف.
والثانِي: وهُوَ ما أورده العراقِيُّون، والقاضي الرويانيُّ يجوزُ، كما لو نَذَر صوم سنَةِ، يجوز التَّفْرِيقُ.
الثانية: لِيَصِفِ الملتقطُ بعض أوصافِ اللّقَطَةِ، فإنَّه أفَضَى إلى الظَّفر بالمالك، وهُوَ شَرْطْ أم مستحبٌّ؟ فيه وجهان؟
أظَهَرُهَما: الثَّانِي، وإذا شرطْنَا، فهل يكفي ذِكْرُ الجِنْسِ؛ بأن يقول: مَنْ ضاع منْه درَاهِمُ؟ قال الإمامُ: ما عنْدِي أنَّهُ يَكْفِي، ولكن يتعرَّضِ للعفَاصِ والوِكَاءِ، ومكانِ الالتقاط وتارِيخِهِ، ولا يستوعِبُ الصَّفَاتِ، ولا يبالِغُ فيها؛ كيلا يُعْتَمِدَها الكاذِبُ، فإنْ فَعَلَ، فَفِي صَيْرُورَتِهِ ضَامِناً وجهان: وَجْهُ المنع: أنَّهُ لا يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلاَّ بالبَيِّنَةِ.
ووجهُ الصَّيْرُورَةِ: أنَّهُ قد دفعه إلَى مَنْ يلزمُه الدَّفْعُ [لا] إلَى الوَاصِفِ.
الثالثة: إن تبرع المَلْتَقِطُ بالتَّعْرِيفِ، أو بَذَل مُؤْنَتِهِ، فذَاكَ، وإلاَّ، فإنْ أخَذَها للحِفْظِ أبداً، فإن قلْنا: لا يجِبُ التَّعْرِيفُ، والحالةُ هذه، فهو مُتَبَرِّعٌ إن عرّف.
وإن قلْنَا: يجِبُ، فلَيْسَ علَيْه مُؤنتهُ، ولكنْ يَرْفَع الأمْرَ إلى الحاكِم؛ لِيَبْذُل أُجْرَتَهُ مِنْ بَيْتِ المالِ، أو يَسْتَقْرِضَ على المَالِكِ، أو يأْمُرَ المتلقطَ بِهِ لِيَرْجع، كما في هَرَب الجمَّالِ (¬1)، وإن أخذَها للتَّملُّكِ، واتَّصَلَ الأمْرُ بالتملُّكِ، فمؤنَةُ التعريفِ على المُلْتَقِط، وإنْ ظَهَر المالك، فَهِيَ على الملتَقِط؛ لقَصْده التملُّكَ، أو على المالِك؛ لعَوْدِ الفائدة إلَيْه؟ فيه وَجْهان:
أَظْهَرُهما: أوَّلُهُما، وهو ظَاهرُ ما في الكتابِ، وإنْ قَصَدَ الأمانَة أبداً أَوَّلاً، ثمَّ قَصَدَ التَّمْلِيكَ، ففيه الوجْهَان؛ نَظَراً إلى منتهى الأمْر ومُسْتَقَرِّه.
الرابعةُ: ما ذَكرْنا منْ وجُوب التَّعْريفِ فيما إذا قَصَدَ التَّملُّكَ، أمَّا إذا قَصَدَ الحِفْظَ أبداً، فَفِي وجُوبِه وجْهَان: أظْهَرُهما عنْد الإمام، وصَاحِب الكِتَاب: وجُوبُهُ، وإلاَّ، فهو كتمانٌ مفوِّتٌ للحقِّ علَى المستحقِّ.
والثاني: وهُوَ الذي أورده الأكْثَرُون: أنَّهُ لا يجِبُ، وعلَّلوا بأن التعريفَ إنَّما يجبُ
¬__________
(¬1) وقضيته أن ترتيب الحاكم ذلك من بيت المال إنفاق لا إقراض على المالك لكن صرح ابن الرفعة بأنه إقراض حيث قال: فإن رأى أن يقترض أجرة التعريف من بيت المال فيكون ديناً في ذمته أو يبيع جزءاً منها أو يستقرض من الآحاد أو من اللقطة.