كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 6)
نصف الربح (¬1). يقال: إن ذلك الرجل هو عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ عَوْفِ (¬2) رضي الله عنه.
وأظهر ما ذكره الأصحاب في محلّ القضية وبه قال ابْنُ سُرَيْجٍ أن ما جرى كان قرضًا صحيحًا، وكان الربح ورأس المال لهما، لكن عُمَرَ -رضي الله عنه- استنزلهما عن بعض الربح خِيْفةَ أن يكون قصد أبُو مُوسى إرفاقهما، لا رعاية مصلحة بيت المال.
ولذلك قال في بعض الروايات: أو أسلف كل الجيش، كما أسلفكما؟ وعن العَلاَءِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ عَنْ يَعْقُوبَ عن أبيه أنَّ عُثْمَان بن عفان -رضي الله عنه- أعطاه مالاً مقارضة (¬3) وأيضًا: عن عَلِيٍّ وابْنِ مَسْعُودِ وابن عباس وجَابِرِ وحَكِيم بْنِ حِزامٍ -رضي الله عنهم- تجويز المُضَارَبَة (¬4) وأيضًا فإن السُّنَّة الظَّاهرة وردت في المُسَاقَاة.
¬__________
(¬1) أخرجه مالك في الموطأ (2/ 687) في كتاب القراض: باب ما جاء في القراض (1) وأخرجه الشافعي عنه عن زيد بن أسلم عن أبيه (2/ 169) في كتاب القراض حديث (593) وقال الحافظ في التلخيص: إسناده صحيح. قوله: الرجل الذي قال لعمر ذلك، قيل: إنه عبد الرحمن بن عوف، هذا حكاه ابن داود شارح المختصر، وتبعه القاضي حسين. والإمام الغزالي. وابن الصلاح، قال ابن داود: وكان المال مائة ألف درهم. (تنبيه) قال الطحاوي: يحتمل أن يكون عمر شاطرهما فيه، كما كان يشاطر عماله أموالهم، وقال البيهقي؛ تأوّل المزني هذه القصة بأنه سألهما لبره الواجب عليهما أن يجعلا كله للمسلمين، فلم يجيباه، فلما طلب النصف أجاباه عن طيب أنفسهما.
(ينظر التلخيص 3/ 58)
(¬2) عبد الرحمن بن عوف بن عبد عوف بن عبد الحارث بن زهرة بن كلاب بن مرة الزهري أبو محمد المدني شهد بدرًا والمشاهد وهو أحد العشرة وهاجر الهجرتين وأحد الستة وروي عنه بنوه إبراهيم وحميد وأبو سلمة ومصعب وغيرهم. قال الزهري: تصدق على عهد النبي -صلى الله عليه وسلم- بأربعة ألاف ثم بأربعين ثم حمل على خمسمائة فرس ثم على خمسمائة راحلة. وأوصى لنساء النبي -صلى الله عليه وسلم- بحديقة قومت بأربعمائة ألف. قال خليفة: مات سنة إثنتين وثلاثين وقيل سنة ثلاث ودفن بالبَقِيع. وزاد بعضهم وهو ابن خمس وسبعين سنة.
(ينظر الخلاصة (2/ 147)
(¬3) أخرجه مالك عن العلاء عن أبيه عن جده أنه عمل في مال لعثمان على أن الربح بينهما، ورواه البيهقي من طريق ابن وهب عن مالك، وليس فيه عن جده إنما فيه أخبرني العلاء عن أبيه قال: جئت عثمان، فذكر قصة فيها معنى ذلك.
(¬4) أما أثر علي: فروى عبد الرزاق عن قيس بن الربيع عن أبي حصين عن الشعبي عنه: في المضاربة الوضيعة على المال، والربح على ما اصطلحوا عليه، وأما ابن مسعود: فذكره الشَّافعي في كتاب اختلاف العراقيين عن أبي حنيفة عن حماد عن إبراهيم عنه أنه أعطى زيد ابن خليدة مالًا مقارضة، وأخرجة البيهقي في المعرفة، وأما ابن عباس: فلم أره عنه، نعم رواه البيهقي عن أبيه العباس بسند ضعفه، وأخرج الطبراني في الأوسط من طريق حبيب ابن يسار عن ابن عباس قال: كان العباس إذا دفع مالًا مضاربة -فذكر القصة- وفيه: أنه رفع الشرط إلى النبي -صلى الله عليه وسلم- فأجازه، وقال:=
الصفحة 5
600