كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 7)
بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ
كِتَابُ الوَصَايَا، وَفِيهِ أرْبَعَة أبْوَابٍ
البَابُ الْأوَّلُ في أَرْكَانِهَا
وَهِيَ أَرْبَعَةٌ: الرُّكْنُ الأَوَّلُ المُوصِي وَيَصِحُّ الْوَصِيَّةُ مِنْ كُلِّ حُرٍّ مُكَلَّفٍ؛ لأَنَّهُ تُبَرُّعٌ، وَلاَ يَصِحُّ مِنَ المَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ الَّذِي لاَ يُمَيِّزُ وَيَصِحُّ مِنَ السَّفِيهِ المُبَذِّرِ لِصِحَّةِ عِبَارَتِهِ في الأَقَارِيرِ، وَفِي الصَّبِيِّ المُمَيِّز قَوْلاَنِ لِتَرَدُّدِهَا بَيْنَ مَشَابه القُرُبَات وَالتَّمْلِيكَاتِ، وَالرَّفِيقُ إِن أَوْصَى ثُمَّ عُتِقَ وَمَلَكَ لَمْ يَنفَذ عَلَى أَظْهَرِ الوَجْهَيْنِ وَالكَافِرُ يَنْفَذُ وَصِيَّتُهُ، إلاَّ أنْ يُوصِيَ بِخَمْرٍ أَوْ خَنْزِيرٍ أَوْ عِمَارَةِ كَنِيسَةٍ، وَلَوْ أَوْصَى بِعِمَارَةِ قُبُورِ أَنْبِيَائِهِمْ جَازَ لِأَنَّ عِمَارَتَهَا إحْيَاءٌ لِلْزِّيَارَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: يُقَالُ أَوْصَيْتُ لفلانٍ بِكذا، ووصَّيْت، وَأَوْصَيت إليه؛ إذا جعلَهُ وصياً (¬1)
¬__________
(¬1) في ز: وصية.
قال في الخادم: إنما صدر بأوصى؛ لينبه على أنه أفصح من وصى كما قال الخليل في كتاب العين، وحاصله أن المعنى يختلف بالتعدية، فإن عدى باللام فمعناه جعل له ذلك من ماله وذاك موصى له، وإن عدى بإلى فمعناه جعله وصياً وذلك موصى إليه ولم يذكر مصدرها، وقال ابن فارس: يقال: وصيته بوصية وأوصيته أيضاً وقال الجوهري: أوصيت إليه إذا جعلته وصياً، والاسم الوِصَاية بالكسر والفتح.
قال ابن القطاع: يقال: وصيَّتُ إليه وصَاية ووصِيَّة، وَوَصَّيْتُهُ وأَوْصَيْتُة، وأَوْصَيْتُ إليه، وَوَصّيْتُ الشيء بالشيء وَصْياً: وَصَلَتْهُ. قال الأزهري: وسميت الوصية وصية؛ لأن الميت لما أوصى بها، وصَلَ ما كان فيه من أيام حياته بما بعده من أيام مماته.
ينظر: المصباح المنير 2/ 662، الصحاح 6/ 2525، والمغرب 2/ 357، لسان العرب 6/ 4853.
اصطلاحاً:
عرفها الحنفية بأنها: تمليك مضاف إلى ما بعد الموت بطريق التبرع.
عرفها الشافعية بأنها: تبرع بحق مضاف ولو تقديراً لما بعد الموت.
عرفها المالكية بأنها: عقد يوجب حقاً في ثلث عاقده يلزم بموته أو نيابة عنه بعده.
عرفها الحنابلة بأنها: الأمر بالتصرف بعد الموت.
ينظر: شرح فتح القدير 8/ 416، شرح فتح الجليل 4/ 642، كشاف القناع 4/ 335.
الصفحة 3
584