كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 7)

أَصَابِعِهِ (¬1). ولو استعمل هاشميٌّ أو مطلبيٌّ، فهل يحل له سهْمُ العاملين؟ فيه وجهان:
أحدهما: نعم؛ لأنه أجرة عمله، وهذا أصحُّ عند أبي الحسن العباديِّ.
وأصحهما: عند صاحب "التهذيب": لا؛ كما لو كان غارماً أو غازياً، وأيضاً: فقد رُوِيَ أنَّ الفضْلَ بن عباس، وعبد المطلب بن ربيعة -رضي الله عنهما- سألا رسولَ الله -صلى الله عليه وسلم- أنْ يُؤَمِّرهما عَلَى بَعْض الصَّدَقَةِ، فَقَالَ: "إنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لِمُحَمَّدٍ وَلاَ لِآلِ مُحَمَّدٍ، إنَّمَا هِيَ أَوْسَاخُ النَّاسِ (¬2).
ويجري الخلافُ فيما إذا جعل بعض المرتزقة عاملاً، وفي موالي النبيِّ -صلى الله عليه وسلم- وموالي بني هاشم، وبني المطلب وجهان، ويقال: قولانِ: وجه الحلِّ؛ أنهم لا يستحقون خمس الخمس، والمطلبيون والهاشميُّون، أخذوا خمس الخمس، فاستغنوا عن الزكاة، والأصح: المَنْعُ؛ لما روي أن النبي -صلى الله عليه وسلم- بعث عاملاً فقال لأبي رافع مولى رسول الله -صلى الله عليه وسلم- اصْحَبْني كَيْمَا نُصِيبَ مِنَ الصَّدقَةِ، فَسَأَلَ أبُو رَافِعِ النَّبِيِّ -صلى الله عليه وسلم- فَقَالَ: "إِنَّ الصَّدَقَةَ لاَ تَحِلُّ لَنَا، وإِنَّ مَوْلَى الْقَوْمِ من أَنْفُسِهِمْ" (¬3).
فرع: إذا انقطع خمس الخمس عن بني هاشم وبني المطلب؛ لخلُوِّ بيت المال عن الفيء والغنيمة، أو لاستبداد الظلمة بها:
قال الإصطخريُّ: "يجوز صرف الزكاةِ إليهم؛ لأنَّ الخمس عوضٌ عنها"؛ على ما أشار إليه في الحديث: "أَلَيْسَ في خُمُسِ الخُمُسِ مَا يُغْنِيكُمْ عَنْ أَوْسَاخِ النَّاسِ"؟ فإذا لم يحصل لهم الغرض، كفيت مؤناتهم بالزكاة، وهذا ما اختاره (¬4) القاضي أبو سعد الهرويُّ فيما حكاه سماعاً عنه الشيخ الإمام [ملكداد بْنُ عَلِيٍّ] (¬5) القزوينيُّ شيخ والدي، وبه كان يفتي الإمامُ محمَّد بن يحْيَى -رحمهم الله جميعاً- والأكثرون طردوا القوْلَ بالتحريم، وقالوا: "ليست المقابلةُ بين المال والمَالِ، وإنما المقابلة بين التحْرِيمِ والاستحقاق".
¬__________
(¬1) تقدم.
(¬2) تقدم.
(¬3) رواه أحمد وأبو داود والترمذي والنسائي وابن حبان والحاكم، من حديث أبي رافع. قلت: وهو في الطبراني من حديث ابن عباس.
(تنبيه) اسم الرجل الذي استتبع أبا رافع: الأرقم بن أبي الأرقم، صرح به النسائي والطبراني حديث: إن رجلين سألاه الصدقة فقال: إن شئتما أعطيتكما ولا حظ فيها لغني -الحديث-. قاله الحافظ.
(¬4) لكن المذهب الأول.
(¬5) سقط في: ز.

الصفحة 398