كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 7)
وقيل: جعل نفس العتق صداقاً، وجاز له ذلك بخلاف ما في حق الأَمَةِ (¬1).
ورأيت بخط بعض الْمُصَنِّفِينَ عن أبي الحسين بن الْقَطَّانِ [في] أنه هل كان يجوز له الجمع بين المرأة وعمتها وخالتها، بناءً على أن المخاطب هل يدخل في الخطاب، وأنه كان لا يَجُوزُ له الجمع الأختين، لأن خطاب اللَّهُ -جل اسْمُهُ- يدخل فيه النَّبيُّ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- وأمته وذكر الحنَّاطِيُّ وجهاً بعيداً في الجمع بين الأُخْتَينِ أيضاً، وكذا في الجمع بين الأُمِّ وَابْنَتِهَا.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَنِسَاؤُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ مُحَرَّمَاتٌ عَلَى غَيْرِه لأَنَّهُنَ أُمَّهَاتُ المُؤْمِنِينَ، وَمُطَلَّقَةُ المَدْخُولُ بِهَا مُحَرَّمَةٌ عَلَى غَيْرِهِ، وَغَيْرُ المَدْخُولِ بِهَا مُحَلَّلَةٌ.
قال الرَّافِعِيُّ: النَّوْعُ الرَّابعُ مما اختصِ به رَسُولُ اللهِ -صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ- من الفضائل والكرامات. فمن خصائصه في النِّكَاح أنَّ زوجاته اللاتي تَوَفَّى عَنْهُن في النِّكاحِ مُحَرَّمَاتٌ على غيره أبداً، قال اللَّهُ تعالى: {وَمَا كَانَ لَكُمْ أَنْ تُؤْذُوا رَسُولَ اللَّهِ وَلَا أَنْ تَنْكِحُوا أَزْوَاجَهُ مِنْ بَعْدِهِ أَبَدًا} [الأحزاب: 53]. وفي التي فارقها في حياته كالتي وجد بكشحها بَيَاضاً فَرَدَّهَا (¬2) وَكَالْمُسْتَعِيْذَةِ ثلاثة أَوْجُهٍ:
¬__________
(¬1) قال النووي: وقيل: معناه: أعتقها بلا عوض، وتزوجها بلا مهر لا في الحال ولا في ما بعدُ، وهذا أصح. والله أعلم.
(¬2) أخرجه الحاكم [4/ 34] في المستدرك من حديث كعب بن عجرة، وفيه: أنها من بني غفار قال الحافظ: وفي إسناده جميل بن زيد وقد اضطرب فيه وهو ضعيف، فقيل عنه هكذا، وقيل عن ابن عمر، وقيل عن زيد بن كعب أو كعب بن زيد، وأخرجه ابن عدي والبيهقي، وقال الحاكم: اسمها أسماء بنت النعمان، وقلت: والحق أنها غيرها، فإن بنت النعمان هي الجونية كما مضى حديث الأشعث بن قيس: أنه نكح المستعيذة في زمان عمر بن الخطاب، فأمر برجمها فأخبر أن النبي -صلى الله عليه وسلم- فارقها قبل أن يمسها، فخلاهما، هذا الحديث تبع في إيراده هكذا الماوردي والغزالي وإمام الحرمين والقاضي الحسين، ولا أصل له في كعب الحديث، نعم روى أبو نعيم في المعرفة في ترجمة قتيلة من حديث داود عن الشعبي مرسلاً، وأخرجه البزار من وجه آخر عن داود عن عكرمة عن ابن عباس موصولاً، وصححه ابن خزيمة والضياء من طريقه في المختارة: أن النبي -صلى الله عليه وسلم- طلق قتيلة بنت قيس أخت الأشعث، طلقها قبل الدخول، فتزوجها عكرمة بن أبي جهل، فشق ذلك على أبي بكر، فقال له عمر: يا خليفة رسول الله انها ليست من نسائه، لم يجزها النبي -صلى الله عليه وسلم-، وقد برأها الله منه بالردة، وكانت قد ارتدت مع قومها ثم أسلمت، فسكن أبو بكر، وروى الحاكم من طريق هشام بن الكلبي عن أبيه عن أبي صالح عن ابن عباس قال: خلف على أسماء بنت النعمان المهاجر ابن أبي أمية، فأراد عمر أن يعاقبها، فقالت: ولله ما ضرب على الحجاب، ولا سميت أم المؤمنين، فكف عنها، وروى الحاكم بسنده إلى أبي عبيدة معمر بن المثنى: أنه تزوج حين قدم عليه وقد كندة قتيلة بنت قيس أخت الأشعث، ولم تدخل عليه، فقيل: إنه أوصى أن تخير فاختارت النكاح، =