كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 7)

أحدهما: أَنَّ المُعْتَبَرَ الْيَسَارُ بقدر النفقة، وَالْمَهْرِ، فإذا أيسر بهما فهو كفء كصاحب الأُلُوفِ.
وأظهرهما: أَنَّهُ لاَ يَكْفِي ذَلِكَ ولكن الناس أصناف: غني وفقير ومتوسط، وَكُلُّ صَنْفٍ أكفاء، وإن اختلفت الْمَرَاتِبُ.
وليس من الخِصَالِ الْمُعْتَبَرَةِ في الكفاءة الْجَمَالُ ونقيضه نعم.
ذَكَرَ الْقَاضِي الرُّويَانِيُّ أَنَّ الشَّيْخَ لا يكون كفئًا للشابة على المختار من الوجهين (¬1)، وذكر أيضًا أنَّ الْجَاهِلَ لا يكون كفئًا للعالمة، وهذا فَتْحُ بَابٍ وَاسِعٍ، فَهَذِهِ خِصَالٌ الكفاءة، وهل يقابل بعضها ببعض؟.
قَضِيَّةُ كَلاَم الأكْثَرِينَ الْمَنْعُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِهِ صَاحِبُ "التَّهْذِيبِ" وأبو الفرج السَّرْخَسِي، حَتَّى لا يزوج سليمة من العيوب دنية من معيب نسيب، ولاَ حَرَّةً فَاسِقَةً من عَبْدٍ عَفِيْفٍ، وَلاَ عَرِبِيَّةٌ فَاسِقَةٌ مَن عَجَمِيٍّ عَفِيفٍ، ولا عفيفة رقيقة من فاسق حُرٍّ، ويكفي صفة النقص مانعة من الكفاءة.
وفضل الإمام فقال: السَّلاَمَةُ من العيوب لا تقابل بسائر فضائل الزوج، ولذلك يثبت بها حَقّ الْفَسْخِ، وإن كان في المعيب فضائل جَمَّةٍ، وكذا الحرية لا تقابل بفضيلة أخرى، وكذا النَّسَبُ، نِعْمَ الصِّفَةُ الظَّاهِرَةُ في الزَّوْجِ هل تنحاز دناءة نسبه؟.
فيه وجهان:
أظهرهما: المنع.
قال: والتنقي من الْحرفِ الدَّنِيَّةِ يعارضه الصَّلاَحُ، وفاقاً واليسار إن اعتبرناه يعارض بِكُلِّ خِصْلَةِ من خِصَالِ الْكَفَاءَةِ، وَالأَمَةُ الْعَرَبِيَّةُ -جوابًا على استرقاق العرب- إذا زُوِّجَتْ من الْحُرِّ العجمي كان على هذا الخلاف في حصول الانحياز والله أعلم.
وَلْنَعُدِ الآن إلى ما يتعلق بألْفَاظِ الْكِتَابِ قوله: وهي مرعية في خَمْسِ خِصَالٍ -أراد به الْخِصَالَ الْمَعْدُودَةَ قَبْلَ اليسار، ومنهم من يضيف إلى الخمس الإِسلام، وَقَدْ يُعَبَّرُ بالدِّيْنِ عَنِ الإِسْلاَمِ والعدالة جميعًا، ولم يدرج صَاحِبُ "الْكِتَاب" الإِسلام في خِصَالِ الكفاءة، وَلَهُ وَجْهٌ، وهو أنَّ الفَضَائِلَ الْمُعْتَبَرَةَ في الْكَفَاءَةِ هي التي يحتمل فواتها عند التَّرَاضِي، وَإِسْلاَمُ الزَّوْجِ لاَ يَحْتَمِلُ فوَاتُهُ، فحَسَنَ ألاَّ يُعَدَّ مِن خصال الكفاءة، ويجوز
¬__________
(¬1) قال النووي: الصحيح خلاف ما قاله الروياني. قال أصحابنا: وليس البخل والكرم والطول والقِصَر معتبرًا. قال الصيمرى: واعتبر قوم البلد، فقالوا: ساكن مكة والمدينة والبصرة والكوفة، ليس كفأً لساكن الجبال، قال: وهذا ليس بشيءٍ.

الصفحة 577