كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 7)

فيجيء وجه آخُر؛ أنه يقسم المذكور بينهما، وهذا ما أجاب به الشيخ أبو الفرج الزاز، قال: وبمثله لو قال: إن كان حملها ابناً، فله كذا، وإن كان بنتاً فكذا، فولدَتِ ابنين، فلا شيء، لهما، [وفرق] بأن الذكر والأنثى أسماء جنس، فيقع على الوَاحِد والعَدَد، بخلاف الابن والبنت، وهذا ليس بمتضح، والقياسُ ألاَّ (¬1) فَرْق.
ولو قال: إنْ كان ما في بَطْنِهَا غلاماً، والذي في بطنها، فهو كما لو قال: إن كان حمْلُها غلاماً. ولو قال: إنْ كانَ فِي بَطْنِهَا غلامٌ، فأعطوه كذا، فولدَتْ غلاماً وجاريةً، استحق الغلامُ ما ذكره؛ وإن ولدَتْ غلامَيْن، فوجهان منقولان في "التتمة":
أحدهما: بُطْلاَنُ الوصية، وهذا يخرَّج على قولنا: "إن التنكير يقتضي التوحِيدَ".
أظهرهما: وهو المذكور في الكتاب: أنها [لا] (¬2) تبطُلُ، وعلَى هذا؛ فثلاثة أوجه:
أحدها: أنه يوزَّع عليهما، فليس أحدهما أولَى من الآخر.
وأشبههما: أن الوارِثَ يتخيَّر، فيصرفه إلَى من شاء منهما، كما لو وقع الإبهام في المُوصَى به يرجع إلى الوارث.
والثالث: أنه يوقَفُ بينهما إلَى أن يبلغا، فيصطَلِحَا، وتجري الأوْجُه فيما إذا أوصَى لأحد الشخصين، وجوَّزنا الإبهام في الموصَى له ومات قبل البيان ففي وجّهٍ: يُوَزَّعُ، وفي آخر تَعْيِينِ الوارث، وفي آخر يوقَفُ بينهما إلى أن يصطلحا.
ولو قال: إن كانتْ حاملاً بغلام، أو إن ولدَتْ غلاماً، فهو كما لو قال: إن كان في بطْنِها غلامٌ، ولو قال: إن ولدت ذكراً، فله مائتان، وإن ولدت أنثَى، فلها مائة، فولدت خنَثَى، دُفِعَ إلَيْه الأقلُّ، وإِن ولدت ذَكَراً وأنْثَى (¬3)، فلكل واحد منهما ما ذُكِرَ، ولو ولدَتْ ذكَرَيْن وأنثيين جاءَ الوجهان، ثم الوجوهُ الثلاثةُ في كلِّ واحدٍ من الصنفين، وقد عرفتَ ممَّا بيَّنَّا أن جوابَ صاحب الكتاب، فيما إذا قال: إن كان حَمْلُها غلاماً فأعطوه كذا، فولدَتْ غلامَيْن، لا يلائم جوابه فيما إذا قال: إنْ كان في بَطْنِها غلامٌ، فولدَتْ غلاَميْن.
وقوله: "إن جوَّزنا الإبهامَ في المُوصَى به، وصحَّحنا هذه الوصية" بَسْطٌ في العبارة، وأحدُهُمَا مغْنٍ عن الآخر، والله أعلم.
¬__________
(¬1) قال النووي: بل الفرق واضح، والمختار ما قاله أبو الفرج، فيقسم بين الذكرين في الصورة الأولى، دون الثانية، لما ذكرناه من الفرق.
(¬2) سقط في: ب، ز.
(¬3) في أ: وإن ولدت ذكراً أو أنثى.

الصفحة 88