كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

وطء (¬1) بلا مهر، واللهُ أعلم بالصواب.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَمَهمَا تَرَافَعُوا إِلَيْنَا في أنْكِحَتِهِمْ أوْ غَيْرِهَا جَازَ لَنَا الحُكُمْ بِالحَقِّ، وَهَلْ يَجِبُ؟ قَوْلاَنِ، وَإِنْ تَعلَّقَ الخُصُومَةُ بِمُسْلِمٍ وَجَبَ الحُكْمُ، وَإِنْ كَانَا مُخْتَلِفَي المِلَّةِ وَجَبَ عَلَى الأَصَحِّ، وَلاَ يَجِبُ في المْعَاهَدَيْنِ، وَلاَ نَحْكُمُ إِلاَّ إِذَا رَضِيَ الخَصْمَانِ جَمِيعاً بِحُكْمِنَا.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِذا ترافع إِلينا ذمِّيَّان في نكاح أو غيره، إِن كانا متَّفِقَي الملَّة، ففيه قولان:
أَحدهما: انه يجب الحُكمُ بينهما؛ لقوله تعالى: {وَأَنِ احْكُمْ بَيْنَهُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللَّهُ} [المائدة: 49] ولأنه يجب على الإِمام [أن] (¬2) يمنع الظُّلْم عنهم، فيجب أَن يحكُمَ بينهم كالمسلمين، وُيرْوَى هَذَا عن أَبي حَنِيْفةَ -رضي الله عنه- واختيار المُزَنِيِّ.
والثاني: وبه قَالَ مَالِكٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- أَنه لا يجبُ؛ لقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ} [المائدة: 42] وعلى هذا فلا يتركهما علَى النزاعِ، بل يحْكُم أو يردُّهما إِلَى حاكم ملتهم (¬3)، ورجَّح الشَّيخُ أَبو حامد وابن الصَّبَّاغِ القول الثانِيَ، وأَكثرهم علَى ترجيح الأوَّلِ، منْهم الإمام، وصاحب "التَّهْذِيبِ" والقاضي الرُّوَيانِيُّ، وفي محلِّ القولَيْن ثَلاثَةُ طُرُقٍ:
¬__________
(¬1) قال في المهمات: سيأتي ما يشكل عليه في الباب الثالث من الصداق أي وهو قول المصنف لو نكح ذمية على أن لا مهر لها وترافعا إلينا حكمنا بحكمنا على المسلمين.
قال الشيخ البلقيني: الذي يظهر في الجمع بينهما أن الكلام هنا إذا حصل إسلام، وهناك فيما إذا لم يحصل أو المذكور هنا فيما إذا اعتقدوا أن لا مهر بحال بخلاف ذاك وأجاب في الخادم بوجوه:
أحدها: أن مسألة الصداق في الذميين وهذه في الحربيين وهوكان أطلق الكافر هنا لكن يجب تنزيله على الحربي لأجل ذلك.
ثانيها: أن صورة المسألة إذا حصل إسلام وهناك إذا لم يحصل وهو جواب شيخه البلقيني ثم ذكر جواب شيخه البلقيني الثاني الذي تقدم.
(¬2) سقط في ز.
(¬3) لقوله تعالى: {فَإِنْ جَاءُوكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ}.
وأجاب الأول بأن صح عن ابن عباس أن هذه الآية منسوخة بالأولى رواه الطبراني، ومنهم من حمل الأولى على الذميين والثانية على المعاهدين فلا يجب الحكم بينهم على المذهب وهذا أولى من النسخ.
تنبيه: يستثنى من إطلاقه ما لو ترافع إلينا أهل الذمة في شرب الخمر فإنهم لا يحدون كان رضوا بحكمنا لأنهم لا يعتقدون تحريمه قاله الرافعى في باب حد الزنا.

الصفحة 103