كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

وقوله في "الكتاب"؛ لأَن نكاحها يدفع نكاح الأُمِّ وقوله بعد ذلك: "إِن أفسدنا أنكحتهم" بيان لمأخذ القولَيْن، وهو الخلاف في صحَّة أَنكحتهم على ما قدَّمناه.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وإنْ أَسْلَمَ الحُرُّ عَلَى إِمَاءٍ اخْتَارَ وَاحِدَةً إنْ كَانَ عَاجُزاً عِنْدَ الالْتِقَاءِ فِي الإِسُلاَم، فَإِنْ أَسْلَمَ عَلَى ثَلاثٍ وَأَسْلَمَت وَاحِدَةٌ وَهُوَ مُعْسرٌ وَأَسْلَمَتِ الثَّانِيَةُ وَهُوَ مُوسِرٌ وَالثَّانِيَة وَهُوَ مُعْسِرٌ انْدَفَعَتِ الثَّانِيَةُ وَيُخُيَّرُ بَيْنَ الأُولَى وَالثَّالِثَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الصورةُ الثالثةُ: قد مَرَّ أنه لو أَسلم الكافر، وتحته أمَةٌ، وأَسلمت معه، يجوز له إمساكُها، إِن كان ممَّنْ يحل له نكاحُ الإِماء، ولا يجوزُ إِن كان ممن لا تَحِلُّ له، وان تخلَّفت، نُظِرَ؛ إِن كان قبل الدخول، تنجزت الفرقة، سواءٌ كانَت كتابيةً أَو غير كتابية؛ لأن المسلم لا ينكح الأَمةَ الكتابيةَ، كما لا ينكح الوثنيةَ، وإِن كان بَعْدَ الدخول، وجَمَعَتِ العدةُ إِسْلامَهْما، فهو كما لو أَسلَمَتْ معه، وإِن كانَتْ كتابيةً، وَعَتَقَتْ في العدَّة، فله إِمْسَاكها، إِنْ لم تسلم، ولا عتقت أَو كانَتْ وثنيةً، ولم تُسِلْمْ إِلى انقضاء مدَّة العدَّة، فتبيَّن اندفاع النكاح من وقْت إِسلامه وإسلامهن [وإن كان تحته إماء وأسلم وأسلمن معه] (¬1) فيختار واحدةً مِنْهُنَّ، إِن كان ممن يحل له نكاحُ الإِماء عند اجتماع إسْلامه وإِسلامهن، وإِلا، فيندبع نكاحهن جميعاً، ولا فرق بين أَن يُسْلِمَ أَولاً أَو يسلمن أَوَّلاً، ولو أَسلم، وتحته ثلاثٌ، فأَسلمت معه واحدةٌ، وهو معْسرٌ خائفٌ من العَنَت، ثم أَسلمَتِ الثانيةُ في عدَّتها، وهو مُوسِرٌ، ثم أَسْلَمَتِ الثالثة، وَهُوَ مُعْسِرٌ خائف من العنت، فيندفع نكاحُ الثانية، لِفِقْدان الشَّرْط عند اجتماع إِسْلامه وإِسلامها، ويُخيّر بين الأَولَى والثالثة، وهذا مبنيٌّ على أَن ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ في اليسار أَنه إِنَّما يؤْثَرُ في اندفاع النكاح، إِذا اقترن بإِسلامهما جميعاً، وقد سَبَق أَنَّ من الأَصحاب مَنْ يَنْظُر إلَى وقت إِسلامه، ويكتفي به، فعلَى هذا لا تندفع الثانية أَيضاً [بل تدخل في التخيير] ويجُوزُ لذلك إِعلامُ قوله في الكتاب "اندفعت الثانية" بالواو وأَيضاً فقد حَكَى الإِمَامُ عن أَبيه أَنه إِذا حَلَّ له نكاح أَمة فأمَة أُخرَى في معناها، وإِلَيْه الخيرةُ فيهن جميعاً.
وقوله "وان كان عاجزاً عند الالتقاءِ" أي عن طَوْلِ الحُرَّةِ، ويعتبر مع ذلك خَوْفُ الْعَنَتِ.
فرْعٌ: أَسلم، وتحته إماءٌ، أَو أَسلمتْ معه واحدةٌ منْهنَّ، فله أَن يختار الَّتي أَسلمت، كما لو أَسْلَمْنَ جميعاً، وله أَن يتوقَّف، وينتظر إلى إسْلامِ الباقيات، فقد يكونُ بعضُهُنَّ آثر عنده، ثم إِن أَصْرَرْنَ على الشِّرْك، تبيَّن أَنهن بِنَّ من وقْتِ اختلاف الدِّين، وأَن عدَّتهن قد انقضَتْ، وإِن أَسَلَمْنَ العدَّة، فيُنْظَر؛ إِن كان قَدِ اختار الَّتي أَسْلَمَتْ أَولاً،
¬__________
(¬1) سقط في ز.

الصفحة 109