كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

ولو كانَتْ تحْتَه إماءٌ فأَسلم الزوْجُ مع واحدةٍ، ثم عَتَقَتْ، ثم عتَقَ الباقياتُ، وأسلمْنَ، اختار أَربعاً منهن لالتحاقهن بالحرائر الأَصليات، وليس له اختيار الأُولَى؛ لأَنها كانَتْ رقيقةً عند اجتماع الإِسلاميين، فيدفع الباقيات العتيقات عند اجتماع الإِسلاميين لو كانَتْ تحته أربعُ إماءٍ، فأَسلمت معه اثنتان، ثم عتقتا، وعتقت المتخلِّفتان، ثم أَسلمتا، يتعيَّن الأخُريات للامساك؛ لحريتهما عند اجتماع الإِسلاميين، ولا يجوز إِمْسَاك الأوليين، لِرِقِّهما عند اجتماع الإِسلاميين، واندفاعهما بالعتقين (¬1).
ولو أسلم الزوْجُ وتخلَّفْنَ، ثم عتَقَتْ الاثنتان، ثم أَسلمتا، وأسلَمَتِ الأخريات، ثم عتقتا، يتعيَّن الأُوليان للإمْسَاك، ويندفعُ بهما الأُخْرياتُ، والنظر في جميع ذلك إِلى حالة اجتماع الإِسلاميين لَأنها حالة إمكان الاختيار، هذا كما أن النَّظَرَ في اليسار والإِعْسار، وفي خوف العَنَتِ، الأَمن منه إِلى حالة اجتماع الإِسلاميين.
وقوله في الكتاب: "اندفع نكاح الإِماء" يمكن إعلامه بالواو؛ بوجه قدَّمناه في أَن نكاح الأَمة لا يندفع بالحرة، وعلى ذلَك الوجْهِ يُمْسِكُ الحرَّة، ويختار واحدةً من الإِماء؛ (والله أعلم).
وقوله: "فإن أَسلمْتَ قبْلَ عِدَّتِهَا، اندفع نكاحُ الإِمَاء" يفيده قولُه أَولاً "اندفع نكاح الإِماء إِلا إِذا تخلفت وأَصرت" وإِنما أَعادهِ لِيَسْتَثْنِي منه؛ ما إِذا أَعْتَقن، كأَنه يقول: وإِنَّما يندفع نكاحُهُنَّ، إِذا استمر رِقّهن، أما إذا أُعْتِقْنَ، فلا.
وقوله: "ولو أسلم على أَمَتَيْنِ، وتخلَّفت أَمتان" وفي بعض النسخ، ولو أَسلم على أربع، وتخلَّفتِ اثنتان وكلُّ واحدةٍ منهما مؤدٍّ للغرض.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ خِيَارَ لَهَا إلاَّ إِذَا أُعْتِقَتْ تَحْتَ عَبْدٍ، وَلَهَا تَأْخِيرُ الْفَسْخِ لِعُذْرِ انْتِظَارِ إسْلاَمِ الزَّوْجِ إِنْ أَسْلَمَتْ قَبْلَهُ، فَإنْ فَسَخَتْ نَفَذَ، وَتَظْهَرُ فَائِدَتُهُ لَوْ أَسْلَمَ الزَّوْجُ
¬__________
= هنا، وفي البسيط والوجيز وليس كذلك اختياراً له تعمده فما هكذا تذكر الاختيارات، وصوابه أنه لا يندفع نكاح المتخلفتين بل يتخير بين الأربع لأن عتق إحدى المتقدمتين كان بعد اجتماعهما على الإِسلام والقاعدة المقررة أن مثل هذا العتق لا يجعلها كالحرائر بل يبقى حكمها حكم الإِماء في حقها وفي حق غيرها وكان منشأ السهو أنه سبق وهمه إلى أنه لما كان عتق المتقدمة واقعاً قبل اجتماع الزوج والمتخلفتين في الإِسلام التحقت بالحرائر في حق المتخلفتين وهذا خطأ لأن الاعتبار في ذلك باجتماع العتيقة نفسها والزوج في الإِسلام لا باجتماع غيرها والزوج وهذه العتيقة كانت رقيقة عند اجتماعها هي والزوج في الاِسلام فكان حكمها حكم الإِماء في حقها وحق غيرها. انتهى كلام ابن الصلاح وهو الصواب.
(¬1) في ب: بالعتيقين

الصفحة 112