كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

وكذلك، لو طلبتِ اثنتانِ أو ثَلاَث أو أربعٌ (¬1)؛ لاحتمال أن الزَّوجات غَيْرُهن، فإن طلبت خمس، دَفَعَ إليهن رُبْعَ الموقوف؛ لعلمنا بأن فيهن زوجة، وإن طلبتْ ستٌّ، فالنصف، ولهن قِسْمَةُ ما أخذْتَهُ والتصرُّف فيه، وهل يُشترطُ في الدفع أن يبرأْنَ عن الباقي؟.
فيه وجهان عن القاضي وغيره:
أحدهما: وَقَدْ نَسَبَهُ الْقَاضِي ابنُ كَجٍّ إلى النص نعم، وإنما يتجزأ شيئاً من الموقوف؛ لقَطْع الخصومة عاجلاً وآجلاً، وإنَّما يَحْصُلُ ذلك بالإِبْرَاء.
وأصحُّهما: لا؛ لأنا نَتيقَّن أنَّ فيهن مَنْ يستحقُّ القَدْرَ المدْفُوعَ، فكيف نكلِّفُهنَّ بدَفْع الحقِّ إلَيْهنَّ إسقاطَ حقٍّ آخر، إن كان، وإذا قلْنا بالوجه الأول، فيدفع الباقي إلَى الثلاث ويرتفع الوَقْفُ، وكأنَّهنَّ اصطَلَحْنَ على القسمة هكذا، وجميع ما ذكرناه فيما إذا عرف استحقاق الزوجات الميراث إما إذا أسلَمَ عَلَى ثَمَانِ نُسْوَةٍ كِتَابيَّاتٍ وأسلمت معه أربعٌ، أو كانتْ تحته أَرْبَعُ كِتَابِيَّاتٍ وأربع وثنيات، وأسلَمَتْ معه الوَثنياتُ، وماتَ قَبْلَ البيانِ والاختيار فَوَجْهَانِ:
أظهرهما: وهو المنصوصُ، والمذكور في الكتاب: أنه لا يوقَفُ شيء للزوجات، بل تقسم التركةُ بين سَائِرِ الورثة؛ لأن استحقاقَ الزَّوْجات للإِرْثِ غَيْرُ مَعْلُوم [لجوازِ أن تكونُ الزَّوْجَاتُ الْكِتَابِيَّاتُ.
والثَّانِي: يُوقَفُ؛ لأن اسْتِحَقَاقَ سَائِرِ الورثة قَدْرَ نصيب الزَّوْجَاتِ غَيرُ مَعْلُومٍ] والشَّكُّ في أصْل الاسْتحقاق لا يمنع الوقْفَ بدليلِ مسائلِ الحَمْل ونحوها، وهذا ما ارتضاه ابنُ الصَّبَّاغِ، وهو قريب من القياس ويجري الوجهانِ فيما إذا كان في نكاحِ الرَّجُل مسلمةٌ وكتابيةٌ، فقال: إحْداكما طالق، ومات قبل البيان، وعن صاحب "التَّقْرِيب" تخصيصُ الخلاف بهذه الصورة، والجزم بأن لا وقف في "مسألة الكتابيات" قال الإِمام: ولا يَتَوقَّعُ الفقيهُ فرقاً بينهما.
وقوله في الكتاب "بخلاف ما إذا طلق واحدة" ليس المرادُ ما إذا أبْهَمَ، فقال: إحدى زوجاتِي طالقٌ، وإنما المراد مسألةُ الغرابِ ونَحْوِها، وقوله "لا يوقف" معلم بالواو، [وكذا قوله بعده "كم يوقف"] (¬2).
فَرْعٌ: مَاتَ الذِّمِّيُّ عن أَكْثَرَ مِنْ أَرْبَع نِسْوَةٍ، خرَّج صَاحِبُ "التَّلْخِيصِ" أن الربع أو الثمن لهن جميعاً.
وقال آخرون: لا يرثُ منهن إلا أربعٌ، فيوقَفُ بينهن إلى أن يصطَلِحْن، ويجعل
¬__________
(¬1) في ز: الربع.
(¬2) في ز: وكذلك قوله لعده ل يوقف.

الصفحة 125