كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

القديم: أنَّهَا تسْتَحِقُّهَا؛ لأنها ما أحدثَتْ شيئاً والزوجُ هو الذي بَدَّلَ الدِّينَ.
وأصحُّهما: وهو الجديد (¬1): الْمَنْعُ؛ لأنَّها أساءَتْ بالتخلُّف والامتناع عمَّا هو فرضٌ عليها، فأشبه ما إذا سافَرَ الزوْجُ، وأراد مسافَرَتَهَا، فتخلَّفت، وعلَى هذا فلو اختلفا، فقال الزوج: أسلَمْتِ الْيَوْمَ أو منذ عشرة أيام، وقالت: بل أسلَمْتُ منذ شهر [فعلَيْكَ نفقةُ شهرٌ] (¬2) فالقول قول الزَّوج مع يمينه؛ لأنَّ الأصْلَ استمرارُ كُفْرِها، وبراءةُ ذمَّته عن النفقة، وكذا إذَا فرَّعنا على القدَيم، واختلفا، فقال الزَّوْج: أسَلَمْتِ بعد العدَّة، فلا نَفَقَةِ لَكِ، وقالَتْ: أسلَمْتُ في العدَّة، فالقولُ قولُه مع يمينه.
الحالة الثانية: إذا أسلمتِ الزوجَةُ أولاً، نُظِر، إن أسلم الزوْجُ قبل انقضاء مدة العدَّة، فلها النفقة لمدَّة التخلُّف، ولما بعدها؛ لأنها ادَّتْ فرضاً مضيَّقاً عليها، فلا يَسْقُطُ به النفقة، كما لو صلَّتْ وصامَتْ شهر رمضان، وَحَكَى ابنُ خيران قولاً وصاحب "الإفصاح" وغيره وجهاً أنَّه لا نفقةَ لها مدَّةِ تخلُّفه؛ لأنَّهُ استمرَّ علَى دينه، وهي الَّتي أحْدَثَتِ الْمَانِعَ مِنَ الاسْتِمْتَاع، والمذهب الأول، وإن أَصَرَّ الزوج إلَى انقضاءِ العدَّة، فهلْ تستحقُّ نفقة مدَّة العدة؟.
فيه وجهان:
أحدُهُما: المنع؛ لأنه إذاً أصرَّ الزوْجُ، تبيَّن حصول البينونةِ منْ وقْت إسلامِهَا.
والثانية: لا تستحقُّ النفقة.
والثاني: أنها تستحقُّ؛ لأنها أحْسَنَت بالإِتيانِ بما عَلَيْهَا، والزوْجُ قَادِرٌ عَلَى تَقْدِيرِ النِّكَاحِ بِأَنْ يسلم، ونزلت منزلة الرجعية.
قال في "التَّتِمَّةِ": ويخالفُ ما إذا سبَقَتْ إلى الإِسْلاَم قبل الدخول، حيث يسقُطُ المَهْر، وإن أحسنت؛ لأن الْمَهْرَ عوَضُ العقد، والعِوَضُ يسْقُط بتفويت العَاقِدِ المعقود عليه، إن كان معذوراً، كما لَوْ بَاعَ طَعَاماً، ثُمَّ أَكَلَهُ، وَهُوَ مُضْطَرٌّ إليه، والنفقةُ في مقابلَةِ التمكين، وإنما تسْقُط عند التعدِّي، ولا تعدِّي ههنا ثم إيرادُ صاحب الكتاب يَقْتَضِي تَرْجِيحَ وَجْه الْمَنْعِ، وإليه ذَهَبَ الإِمَامُ، لكن الأكثرين رجحوا الاستحقاق، وهو الذي نص عليه في "الْمُخْتَصَرِ".
¬__________
(¬1) قال الزركشي: ولم يفصلوا بين أن يكون التخلف لعذر أم لا، وينبغي إذا تخلفت لصغر أو جنون أو إغماء ثم أسلمت عقب زوال المانع أن تستحق. وقال الخطيب: ورد هذا البحث وإن كان التعليل يرشد إليه بأنها تسقط بعدم التمكين وإن لم يكن نشوز ولا تقصير من الزوجة كما تسقط بحبسها ظلماً.
(¬2) سقط في ز.

الصفحة 127