كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

فَرْعٌ ثالثٌ: لو جَبَّتِ المَرأَةُ ذَكَرَ زَوْجِهَا، هَلْ يَثْبُتُ لَهَا الْخِيَارُ؟.
فيه وجهان:
أَحَدُهُمَا: لا، كما لو عَيَّب المشتري المبيعَ قَبْل القبض.
وَأصَحُّهِمَا: نَعَمْ، كما لو [خرب] (¬1) المستأجر الدَّارَ المستأجرة، ثَبَتَ لَهُ الْخِيَارُ، وهذا؛ لأن الْمَرْأَةَ بالجَبِّ لا تصير قابِضَةً لحقِّها، كالمستأجِرِ لا يصيرُ قابضاً لحقِّه بالتَّخْرِيبِ، والمشتري بالتعيب قَابضٌ لحَقِّهِ واللهُ أَعْلَم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَهَذَا فِيمَا يُقَارِنُ العَقْدَ، وَإِنُ طَرَأَ عَلَيْهِ قَبْلَ الْمَسِيسِ ثَبَتَ لَهَ الخِيَارُ، وَبَعْدَ المَسِيسِ وَجْهَانِ، إِلاَّ العُنَّةَ فَإنَّهَا لاَ تؤَثِّرُ بَعْدَ المَسِيسِ، وَيَثْبُتُ للِزَّوْجِ أَيْضاً بعَيْبَها الطَّارِئِ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إِنْ كَانَ العَيْبُ مقارناً لعقْدِ النِّكَاح، فالحُكْم ما بيَّنَّاه، وإنْ حَدَثَ بعْد العَقْد ما يثبت الخيارُ، لو كان مقارناً، فأما أن يحدُث بالزوج أو بالزوجَة، إن حدث بالزوج، فيُنَّظر، إن كان قبل الدخول، فَلَهَا الْخِيَارُ، لحصول الضرر، كما لو كان مقارناً، وإن كان بعد الدُّخُول، فإن كان الحادِثُ الجُنُونَ أو الجُذَامَ أو البَرَصَ.
فقد حَكَى صَاحِبُ الكتاب فيه وجهَيْن، وَكَأَنَّ الدُّخُولَ في وجه ينزل منزلة قبض المبيع، والعَيْبُ الحادِثُ بعد القرض لا يثبت الخيار، ولم نَرَ لغيره نقل الوجهين في المَسْألة، لكن أَطْلقوا الْجَوَابَ بِثُبُوتِ الْخِيَارِ.
وقالوا: حَقُّ الاستِمتَاع يُشْبِه حَقَّ الانِتِقَاعِ في الإِجارةِ، والعَيْبُ الحادِثُ في العَيْن المستأجَرَةِ يُثْبِت الخيار، فكَذلك، ههنا، وإنْ حَدَثَتِ العُنَّةُ، فَلاَ خِيَارَ لها؛ لأنَّهَا عَرَفَتْ قُدْرَتُهُ، ووصَلَتْ إلى حَظِّهَا، وإن حدث الجَبُّ، فوجهان، ويقال: قولان:
أَحَدُهُمَا: أنه كالعُنَّة.
وَأَصَحُّهُمَا: أنه يثبت الخيار؛ لأن الجَبَّ يُورِثُ الْيَأْسَ عن الْوَطْءِ والعُنَّةُ قد يُرْجَى زوالُهَا، وإن حدث العَيْبُ بالزوجة، إمَّا قبل الدُّخُول أو بَعْده، فقولان:
الجديد: أنه يثبت للزَّوْج الخيار، كما يَثْبُتُ لَهَا إذَا حَدَثَ الْعَيْبُ بِهِ.
والقديمُ: المنْعُ، وَبِهِ قَالَ مَالِكٌ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- لأنه لا تدليس منها، وَهُوَ مُتَمَكِّنٌ من تَخْلِيصِ نَفْسِهِ بالطَّلاَقِ، وغيرُ [مضطرٍّ] (¬2) إلى الْفَسْخِ، واللهُ أَعْلَمُ.
¬__________
(¬1) في ز: خسرب.
(¬2) في ز: مفتقر.

الصفحة 137