كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلِهَذَا الخِيَارُ عَلَى الفَوْرِ وَهُوَ مُسْقِطٌ لِلمَهْرِ قَبلَ الْمَسِيسِ وَإِنْ كَانَ الفَسْخُ مِنْهُ، وَفِيمَا بَعْدَ الْمَسِيسِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِنَ الرِّدَّةِ أَنَّ المُسَمَّى يَتَقَرَّرُ، وَفِي الرِّدَّةِ قَوْلٌ مُخَرَّجٌ مِنْ هَهُنَا، وَمَهْمَا كَانَ العَيْبُ طَارِئاً كَانَ تَقْرِيرُ المُسَمَّى أَوْلَى، وَلاَ رُجُوعَ (م) بِالمَهْرِ المَغْرُوم عَلَى الْوَلِيِّ عَلَى الجَدِيدِ وَلاَ نَفَقَةَ وَلاَ سُكْنَى لَهَا في الْعِدَّةِ كَمَا لاَ مَهْرَ، وَإِنْ كَانَتْ حَامِلاً فَلَهَا النَّفَقَةُ إنْ قُلْنَا: إنَّهَا لِلحَمْلِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الْكَلاَمَ الآنَ في أحْكَامِ هَذَا الخِيَارِ، [والغَرَضُ] (¬1) يتهذَّب بِرَسْمِ مَسَائِلَ:
الأُولى: هَذَا الْخِيَارُ عَلَى الْفَوْرِ كَخِيَارِ الْعَيْبِ في البيع ولا ينافي كَوْنُهُ على الْفَورِ ضَرْب الْمُدَّةِ في العُنَّةِ، فإنَّها حينئذٍ تَتحقَّق، وإنَّمَا يُؤْمَرُ بالمُبَادَرَةِ إِلَى الَفَسْخِ بَعْدَ تَحَقُّقِ [العَيبِ] (¬2)، هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَعَن الشَّيخِ أبِي عَلِيٍّ في شَرْح "التَّلْخِيصِ": أن مِنَ الأصْحَابِ مَنْ أجْرَى فِيْهِ قَوْلَيْنِ آخَرَيْنِ، كَمَا في خِيَارِ العِتْق:
أَحَدُهُمَا: أَنَّه يَمْتَدُّ ثلاثة أَيَّامٍ.
والثاني: أنَّهُ يبقَى إلى أن يوجَدَ صريح الرِّضَا بالمقام معه، أو ما يَدُلَّ عليه، وفرق على الطريقة الأُولَى بِأنَّ الأئمة تَحْتَاجُ إلى النَّظَرِ والتَّرَوِّي، وههنا، يختص النقصان بِالإطَّلاعَ عَلَى الْعَيبِ فلا يحتاج إلى مُهْلَةِ النَّظَرِ، وليس هَذَا الْفَرْقُ بِوَاضِحٍ، وَهَلْ يَنْفَرِدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنَ الزَّوْجَينِ بالفسخ، أم لاَ بُدَّ من [الرفع] (¬3) إلى الْحَاكِم.
أما العُنَّةُ، فَلاَ بُدَّ فِيْهَا من الرَفع إلى الْحَاكِمِ، [وَفيمَا] (¬4) سِوَاهَا من العُيُوبِ فيه وَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: الانفرادُ بالفَسْخ كفَسْخِ البيعِ بالعَيْبِ، وَهَذَا مَا أَجَابَ بهِ الإِمَامُ، وَرَجَّحَهُ مُرَجِّحُونَ.
والثانى: لاَ بُدَّ من الرفع؛ لأنَّهُ مجتهدٌ فيه فَأَشْبَهُ الْفَسْخَ بالإعسار، وَهُوَ أَقْرَبُ، وَهُوَ الَّذِي أوْرَدَهُ الشَّيخُ أَبُو حَامِدٍ وَصَاحِبُ "الشَّامِلِ" قَالَ فِيَ "التَّهْذِيبِ" [وعلي الوجهين] (¬5) لو أخر إلى أن يَأْتِيَ الْحَاكِمُ، ويفسخ بحضرته، يجوز، ولو وطئها الزَّوجُ، وَظَهَر بِهَا الْعَيْبُ، فَقَالَت: وُطِئْتُ مع العلم، وَأَنْكَرَ أَو كان العَيْبُ به، فقال: مكنت مع العِلْمِ، وأنكرت، فالقول قَوْلُ الْمُنْكِرِ، وعن أبي الْحُسَيْنِ بنِ القَطَّانِ: أنَّ الْقَولَ قَوْلُ
¬__________
(¬1) في ز: والعوض.
(¬2) في ز: العنت.
(¬3) في ز: الدفع.
(¬4) في ز: وما.
(¬5) سقط في ز.

الصفحة 139