كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

الجاهِل، رجَعَ عَلَى مَنْ عَلِمَ، وإن وُجِدَ التقرير منها، ومن الولِّي، فيكون الرُّجُوعُ عليها؛ لأنَّ جانبها أَقْوَى من حيث إِن [العيب] (¬1) بها أو يرجع على كُلِّ وَاحِدٍ منهما بالنصف؟ فيه وجهان مذكوران في "التَّتِمَّة" وإن غَرَّتِ الْمَرْأَةُ الوَلِيِّ، والولِيُّ الزوْجَ، رجَعَ الزوْجُ على الوليِّ، والوليُّ عليها، ولم يتعرَّضوا لما إذا كانت الْمَراْةُ جَاهِلَةً بعَيْبِها، ولا يبْعُد مجيء الخِلاَف (¬2) فيه.
الرَّابعَةُ: المفْسُوخُ نكاحُها بعْدَ الدُّخول لا نَفَقَةَ لَهَا في العِدَّةِ، ولا في السُّكْنَى، إنْ كَانَتْ حَائِلاً؛ لانقطاع أَثَرِ النِّكَاحِ بالفَسْخ، وإن كانَتْ حَامِلاً، فَإِنْ قلْنَا: إن [نفقة المطلقة] (¬3) الحاملِ للحَمْل، وجبت ههنا أيضاً؛ لحق القرابة، وإن قلنا: إنَّها للحامل، وَهوَ الأصَحُّ، لم تجب، وإيراد الإمَام وَصَاحِب "التَّهْذِيبِ" يقتضي كَوْنَ السُّكْنَى عَلَى هَذَا الْخِلاَفِ، وَصَرَّحَ بهِ الحَنَّاطِيُّ، ثُمَّ حَكَى طَرِيقَةً أُخْرَى قَاطِعَةً، بأنه لا يجب السُّكْنَى هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ في الْمَسْأَلَةِ، ومنْهم مَنْ جَعَلَ استحقاق الحامل للسكْنَى على قولَيْنِ، وَقَدْ نَقَلَ هَذِهِ الطَّرِيقَةَ صَاحِبُ "الْكِتَاب" في "باب العِدَّةِ" ويمكن أن يُبْنَى الخلافُ على أَنَّ الْوَاجِبَ لها مَهرُ المِثْل، أو المسمَّى إن أوجبنا مَهْرَ المثْل، جَعَلْنَا النِّكَاحَ كالمفسُوخ من أصْلِهِ؛ لاقتران سبَبِ الفَسْخ به، ونزلناه منزلة النكاح الفاسد، وإن أَوْجَبْنَا المسمَّى نزل الفسخ منزلةَ رَفْعِ النكاح بالطَّلاق، فينبغِي أنْ تجب السكْنَىِ، وأن تجب النفقة، إذا كانت حاملاً، وَذَكَرَ الْقَاضِي ابنُ كَجٍّ؛ أَنَّ أَبَا الطَّيِّبِ بْنَ سَلَمَةَ خرَّجَ فِيْمَا إذَا كان الفسخ بالعَيْب الحادثِ أنَّها تستحقُّ السُّكْنَى، وهذا ذَهَابٌ منه إلى الفَرْق بين الفَسْخ بالعَيْب الموجود عنْدَ العَقْد، والفَسْخ بالعَيْب الحادِثِ، وقد سبق في المَهْر نظيرُهُ، وإذا لم نوجِبْ لها السكْنَى، فلو أراد الَزوْجُ أنْ يُسْكِنَها تحصيناً لِمَائِهِ، قال أبُو الْفَرَج السَّرْخَسِيِّ: لَهُ ذَلِكَ، وَعَلَيْهَا أنْ تَسْكُنَ.
وَقَوْلُهُ في الكتاب: "كما لا مَهْر" يجوز أن يريد، به المسمَّى، ويجوز أنْ يكونَ المَعْنَى كما لا مَهْرَ قبل الدخول.
"فرع": إذا رَضِيَ أَحَدُ الزوجَيْنِ بِعَيْب الآخر، ثُمَّ حدَثَ بمَنْ به العَيْبُ عيْبٌ آخَرُ، ثبت له الخيار بالعيب الحادث، وإن ازْدَادَ الأَوَّلُ؛ فلا (¬4) خيار؛ لأنَّ رِضَاهُ بِالأَوَّلِ رِضاً
¬__________
(¬1) في ز: العنت.
(¬2) قال النووي: لا مجيء له لتقصيرها الظاهر، لا سيما وقد قطع الجمهور بأن الولي المحرم لا يعذر بجهله لتقصيره.
(¬3) في ز: النفقة المعلقة.
(¬4) قال في المهمات: محله إذا لم يكن الحادث أفحش كما إذا كان في اليد فحدث في الوجه فإن الشَّافعي نص على ثبوت الخيار كما نقله في الحاوي وقال: إن محل الخلاف فيما عداه كما إذا =

الصفحة 143