كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

المسألة الثانية: للسيِّدِ إجبار الأمة على النِّكَاح صَغِيرَةً كانت أو كَبِيرَةً، بِكْراً كانت أو ثَيِّبٍّ، عَاقِلَةً [كانت] أو مَجنُونَةً؛ لأن النَّكَاحَ يَرِدُ عَلى منافع البُضْعِ، وهي مملوكة له، وبهذا يفارق العبد، وأيضاً، فإنه ينتفع بنكاح الأَمَةِ باكتسْابِ الْمَهْرِ والنفقة، وإن الْتمسَتِ الأمة النِّكَاحَ، لم يجب على السيِّد الإِجابةُ، إن كانت ممَّن تحْلُّ له، لما في نكاحها من نقصان قيمتها، وَتَفْوِيْتِ الاستمتاع عليَه، وإنْ كانَتْ ممَّنْ لا تحل له، بأن كانَتْ أختَهُ من الرَّضَاعِ، فوجهان:
أَحَدُهُمَا: الوجوب؛ لأنها لا تتوقع منه قضاءَ الشَّهْوَة، ولا بدّ من إعفافها، والأصحُّ المنع؛ لما فيه منْ نقصان القيمة، ولو ملك اختين، ووطئَ إحداها فطلبت الأخرَى تزويجَهَا، لم تَجِبِ الإِجابَة، وإن كانت مُحَرَّمَةٌ عليه؛ لأن تحريمها عارِضٌ، والمُدَبَّرَة والمعلَّق عتْقُهَا بصفة كالقِنَّةِ، وفي تزويج أم الولد خِلاَفٌ مَذكُورٌ في "كتاب أَمِّهَات الأَوْلاَدِ" والظاهر أنها تجبر أيضاً، ومَنْ نصفُها حرٌّ لا تجبر، وإذا طلبت النكاح، فالظاهر أنها لا تجاب، والمكاتَبَةُ لا يجْبُرُهَا السيد، ولا تنكح دون إذنه، وإذا طلبتْ، ففي وجوب الإِجابة وجهان:
وجه الوجوب تمكينُها منْ اكتساب المَهْرِ والنفقة.
والوجه الآخر: أنها ربما عَجَزَتُ نَفْسُهَا، فتعود إليه ناقصة القيمة، وفيها وجهٌ أَنَّها لا تزوَّج أصلاً؛ لأن ملْك المولَى محتملٌ، وهي غير مالكة لأمرها.
فَرْعٌ: لا يزوِّج السيد أمة مُكَاتِبَهِ ولاَ عَبْدِه، ولا يزوجها المكاتَبُ والعبْدُ بغير إِذْنِ السَّيِّدِ فإنْ توافقا، فقولان كما في تبرعاته.
فَرْعٌ آخرٌ: إذا كان لعبده الماذُونِ له في التجارة أمةٌ، فإما إلاَّ يكون عليه دَيْن، يكون، فإن لم يكن عليه دَيْنٌ، فهل له تزويجُها بغير إذن العَبْد؟.
فيه وجهان:
أصحُّهما: نعم.
والثاني: لا إلاَّ أن يعيدَ السَّيِّد الحَجْرَ عليه.
قال الشَّيخُ أبُو مُحَمَّدٍ: وهذا الخلاَفُ مَبْنِيٌّ على أنَّ السيد لو أعتق عبده المستأجر في أثناء مدة الإِجارة، هل يرجع على السيد بأجرة بقية المدة؟ إن قلْنا: لا يرحع؛ لأن العقْدُ كان في زمان الملك فههنا له التزويجُ بغير إذن العبْدِ، إن قلْنا: يرجع؛ لأنَّ منافعه في باقي المدَّة تتلف عليه في حريته، فليس له التزويجُ هنا بغير إذن العبد؛ لأن النِّكَاحَ ينقص قيمتها، فربما لا يفي ما في يده بذمته، إن حَدَثَ دَيْنٌ، فيطالب ببقيَّة العين، إذا عتق، وإن كان عليه دين، فإن زوَّجها بِإِذْنِ العبد والغرماء، صح، لأنّ الْحَقَّ لا

الصفحة 23