كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

بالولاية، فإن قلنا: إنه بالمِلْك، فيزوِّجها كما يبيعها.
ومنها: إذا كان للمسلم أَمَةٌ كِتَابِيَّةٌ، فَظَاهِرُ الْمَذْهَب أنَّ له تزويجها بالملك، كما أنَّ له بَيْعَها وإجارَتَهاَ، هَذَا، مَا نَصَّ عَلَيْه في "الْمُخْتَصَرِ" فقال: ولا يكون المُسْلِم ولياً لكافرةٍ، إلا على أمتِهِ. وفيه وجه: أنَّه لا يجوز له تزويجُهَا، كما لا يجوز له تزويجُ ابنته الكافرة، والقائل به أَوَّلَ النَّصِّ من وجهين:
أحدهما: أنَّ المعنَى "ولا على أمته، لقوله تعالَى: {وَمَا كَانَ لِمُؤْمِنٍ أَنْ يَقْتُلَ مُؤْمِنًا إِلاَّ خَطَأً} يعني "ولا خطأ".
والثَّاني: أنَّ المعنَى "إلا على أمته" في البيع والإِجارة ونحوهما" لا في النِّكَاحِ وإذا قُلْنَا بالظاهر، فهي لا تصلح للحُرِّ الْمُسْلِمِ وإنما تزوجَها من الحُرِّ الكتابي، أو من العبد الْمُسْلِمِ، وهذا إذَا جوَّزنا لهما نكاحَهَا على ما سيأْتِي بيانُ الخلاف فيه، فإن لم نجوِّز لم يُتصوَّر من المسلم تزويجُها، وهذا في تزويج الأمة الكتابية، أما المجوسية والوثنية، فسنتكلم فيهما. وَمِنْهَا: إذا كان للكافرِ أمةٌ مسلمةٌ أو أمّ ولدٍ، فَوَجْهَانِ:
أحدهما: وَبِهِ قَالَه ابنُ الْحَدَّادِ: أنَّه يزوِّجها بحقِّ الملك كما يُزَوِّجُ الْمُسْلِمُ أَمَتَهُ الْكَافِرَةَ.
وأظهرهما: المنْعُ، والفرق من وجهين:
أحدهما: أنَّ حقَّ المسلم في الولاية آكَدُ، ألا ترَى أنَّه يثبَتُ له الولايةُ على الكافراتِ بالجِهَة العامَّة.
والثاني: أنَّ الْمُسْلِمَ يملك الاستمتاع ببُضْعِ الْكَافِرَةِ، فيملك تزويجَهَا والعَكْسُ بخلافه. ولو كان للمسْلِم أمَةٌ مَجُوسِيَّةٌ أو وَثَنِيَّةٌ، فهل له تزويجُهَا فيه وجهان مبنيان على الفرقَيْنِ إن قلنا بالأول، فله تزويجها أيضاً، وإن قلنا بالثاني، فلا، وهذا هو المذكور في "التَّهْذِيب" والأولُ أصَحُّ عند الشَّيخِ أبي عَلِيّ، واستشهد عليه بأن مَنْ ملك أخته من الرَّضَاعة، أو النَّسب، كان له تزويجها، وإن لم يكن له الاستمتاعُ بها.
قَالَ الإِمَامُ ورأيْتُ لبعض الأصحاب تشبيبَا بمنعه أيضاً، وما ذكرناه من الخلافِ في أن تزويج الأَمَةِ بحق الملك أو بالولاية لا يجري في تزويج العبد، إذا قلنا: إنَّ للسيد أنْ يجبره، قلو كان لكافر عَبْدٌ مُسْلِم، ورأينا الإِجبار، ففي إجباره إيَّاه الْخِلاَفُ الْمَذْكُورُ في أنَّه، هل يزوج أمته المسلمة؟ وإن لم نَرَ الإِجبار لم يستقل العبد، ولكن يأذن له السيد؛ ليسقط حقه، فيستقل العبد، حينئذٍ، كما أنَّ الْمَرْأةَ تأذَنُ لعبدها، فيتزوج، وإن لم تكُنْ هي من أهلِ التَّزْوِيجِ.
ومنها: قال في "التتمة" للمكاتَبِ تزويجُ أَمَتِهِ، إن قلنا: إنَّهُ تصرُّفٌ بالمِلْك، وإن

الصفحة 25