كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

وَأتَتْ غَيْرَ زَوْجِهَا غَالِطَةً، وَهُوَ عَالِمٌ، أَوْ كَانَتْ هي جاهلةً أو نَائِمَةً أو مُكْرَهَةً، وَهُوَ عَالِمٌ، أو مَكَّنَتِ الْبَالِغَةُ الْعَاقِلَةُ مَجْنُوناً أو مُرَاهِقاً، فَوَجْهَانِ:
أَصَحُّهمَا: أن الاعْتِبَارَ بِالرَّجُلِ، حَتَّى تَثبُتَ حُرْمَةِ المُصَاهَرَةِ، إِذَا اشْتَبَهَ الْحَالُ عَلَيْهِ، كَمَا يَثبُتُ النَّسَبُ وتجب العِدَّةِ ولا يثبت، إِذَا لَم يَشْتَبِه عَلَيْهِ، كَمَا لا يثبت النَّسَبُ والْعِدَّةُ.
والثَّانى: أَنَّ الشُّبْهَةَ في أيهِمَا كَانَتْ تُثْبِتُ حُرْمَةَ المُصَاهَرَةِ، عَلَى هَذَا فَوَجْهَانِ:
أَحَدُهُمَا: أَنَّها تختصُّ بمَنِ اختصَّتُ به الشُّبْهَةُ، حَتَّى لَوْ كَانَ الاشْتِبَاهُ عَلَيْهِ يُحَرِّمُ عَلَيْهِ أمَّهَا وابنتها وبنْتَهَا، ولا تحرم [هي على أبيه وابنه] (¬1) ولو كان الاشتباه عليها، حُرِّمَتْ على أبيه وابنه، ولا تَحْرُمُ عليه أُمُّهَا وابنتُها.
والثاني: أنها تعمُّ الطرفين كالنَّسب ثم الوطء في النكاح، وملْك اليمين، كما يوجب الْحُرْمَةَ، يوجب الْمَحْرَمِيَّة، حَتَّى يَجُوزَ للواطِئِ المسافرةُ بأمِّ الْمَوْطُوءَةِ وابنتها، ولابنه وأبيه الخلوةُ بها والمُسَافَرَةُ بها، وفي وطءِ الشُّبْهَةِ وَجْهَانِ، وَيُقَالُ: قَوْلاَنِ:
أَحَدُهِمَا: أنَّ الْحُكْمَ كَذَلِكَ؛ لأن الوطْءَ بالشُّبْهَةِ يثبت النسب، ويوجب الْعِدَّةَ، فكذلك المحرميةُ.
والثاني: الْمَنْعُ؛ لأنَّهُ لا يَجُوزُ له الخُلْوَةُ والمسافَرَةُ بالموطوءة، فبأمِّها وابنتها أولَى، وليس كالوطء في النِّكَاحِ وملك اليمين؛ لأنَّ أم الموطوءة وبنتها يدخلان عليها، ويشقُّ عليها الاحتجاب عن زوجها، ومثل هذه الحاجة مفقودةٌ هُنَا، والأصحُّ الأوَّلُ عند الإِمام، والثاني عِنْدَ عَامَّةِ الأصحاب، وحَكْوه عن نَصِّه في "الإِملاَءِ".
المسألةُ الثانيَةُ: الزِّنَا لا يُثْبتُ حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ، حَتَّى يجوز للزاني أن ينكح أمَّ المزنيِّ بها وينتها، وحتى يجوز لابنه وأبيه أن يَنْكِحَها؛ لأنَّ حرمة المصاهرة نعمةٌ من اللهِ تَعَالَى، فلا تثبت بالزنا، كما لا يثبت به النَّسَبُ.
وَقَالَ أَبُو حَنِيْفَةَ وَأَحمَدُ -رَحِمَهُمَا اللهُ- يثبتها، وَلَوْ تَلَوَّطَ بِغُلاَمٍ، لم يحُرُم على الفاعِلِ أمُهُ وابنتُهُ، وَعَنْ أَحْمَدَ: خلافُهُ، ولو ملك جاريةً محرمةً عليه برضاعٍ أو مصاهرةٍ، فوطئها، فإن لم نوجبْ به الحدَّ، أثبتنا حُرْمَةَ الْمُصَاهَرَةِ، وإنْ أوجبناه، فهو كَالزِّنَا، واللهُ أعْلَمُ.
المسألة الثالثةُ: المُفَاخَذَةُ وَالتَّقْبِيلُ واللمس، هل هو كالوطء، حَتَّى يُثْبِتَ حِرمةَ المصاهرة عند الشبهة، وحتَّى يُحَرَّمَ الربيبةَ في النِّكاح؟.
¬__________
(¬1) سقط في ز.

الصفحة 36