كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

هو أمَّها وابنَتَها بشبهة، انفسخ نِكَاحُهَا. وفي "المولَّدات" فرعان؛ يتعلَّقان بهذا الأَصْلِ:
الأول: نكح الرجل امرأةً، ونكح ابنُهُ بنْتَها، ووطئ كلُّ واحدٍ منهما زوجةَ الآخَرِ غالطاً، فينفسخ النِّكَاحَانِ؛ لأن زوجة الأب موطوءةُ ابنِهِ، وأمُّ موطوءته بالشُّبْهة، وزوجةَ الابْنِ موطوءةُ أبِيه، وبنتُ موطوَءتِهِ بالشبهة، وهذا جَوَابٌ على الصَّحيح في أنَّ الوطء بِالشُّبْهَةِ في الملك، وَيجِبُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ منْهما مَهْرُ الْمِثْلِ للَّتِي وَطِئَها بالشبهة، ثُمَّ لا يخلو، إما أن يترتب الوطآن أو يقعا معاً، إنْ ترتَّبا، نُظِرَ، إن سبق وطء الأب، فعليه لزوجته نصْف المسمَّى؛ لأنَّه الذي رفَعَ نكاحَهَا، فهُو كَما لو طلَّقها قبل الدخول، وهلْ يجب عَلَى الابن لزوجته شيْء؟.
قال ابنُ الْحدَّادِ: لا؛ لأن نكاحها لم يرتفعْ بسببِ منْ جهته، وَإِنَّما ارتفع بوَطْءِ الأَبِ السَّابقِ.
وقال آخرون من الأصحاب يجب عليه نِصْفُ ما سَمَّى لَهَا؛ لأنه إن لم يكُنْ للزوج صُنْعٌ غير في النكاح، فلا صُنْعَ لها فيه أيضاً، فلا ينبغي أن يَسْقُطَ مهرها.
وتوسَّط الشَّيْخُ أَبُو عَلِيٍّ، فقال: إنْ كانَتْ زوجةُ الابْنِ نائمةً أو مُكرَهَةً أو صَغِيرَةً لا تعْقِل، فلها نصْفُ المسمَّى على الزوج؛ لأن الانفساخ، والحالةُ هذه، غير منسوب إليها، فصارت كما لو كانت تحته صغيرةٌ وكبيرةٌ، فأرضعَتِ الكبيرةُ الصغيرةَ، ينفسخ نكاحها، والصغيرةِ نِصْفُ الْمُسَمَّى على الزَّوْج، وإن كانتْ زوجةُ الابنِ عاقلةً، وطاوعت الأب ظانَّة أنه زوْجُها، فلا مَهْرَ لَهَا، كَمَا لو اشترت الحرَّةُ زوْجَها قبل الدخول يَسْقُطُ مَهْرُهَا، وإذا أوجبنا على الابْن نِصْفَ الْمُسَمَّى، فيرجع على أبيه؛ لأنه فوَّت نكاحها عليه، وبم يرجع بمَهْرِ المثل أَو بنصفه أو بما غرم فِيْهِ ثَلاثَةُ أَقْوَالٍ؛ تُذْكَرُ في "الرَّضَاعِ" إن شاء الله -تَعَالَى-، وإن سبق وطء الابن، فعليه لزوجة نِصفُ المسمَّى، وَهَلْ يجِبُ عَلَى الأب لزوجته نِصْف الْمُسَمَّى؟.
فيه الاختلافُ السابقُ، فإن قلتا: نَعَمْ، فله الرجوع كما ذكرنا، وإن وقع الوطآن معاً، فعلى، كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا نِصْفُ ما سمَّى لزوجته، وهل يرجع على الآخر بشيء؟.
عن الشيخ أبي مُحَمَّدٍ عَنِ الْقَفَّالِ أن زوجة كُلِّ واحد منهما [حُرِّمَتْ عَلَيْهِ بفِعْله وفعْل صاحبه، فيرجع كلٌّ منهما] (¬1) عَلَى صاحبه بنصْفِ ما كان يَرِجْعُ به، لو انفرد، ويهدر نصف كما في الاصطِدَام. وقال الشَّيْخُ أبو عَلِيٍّ، لا يرجع واحدٌ منهما علَى الآخر؛ لأن النكاحَ ارتفَعَ بفعلهما جميعاً، فينسب الفراقُ إلى الزوج، كما لو اشترى
¬__________
(¬1) سقط في ز.

الصفحة 38