كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

امرأته، أو خالعها، وليس كالاصطدام؛ لأن فعل كُلِّ واحد منهما، هاهنا لو انفرد، لحَرُمَت به زوجتُه وزوجةُ صاحبه، ولا يمكننا أن نقول في الاصطدام: لو انفرد كل واحد منهما بفعله، لحصل ذلك الأثَرُ.
الفرع الثاني: نكح امرأتَينِ في عَقْدٍ واحِدٍ، ثُمَّ بَانَ أنَّ إِحداهما أُمُّ الأخرى، فالنكاحان باطلان، ولا يجب المسمَّى، ولا شيء منه لواحدةٍ منهما، نعم، لو وطئها أو واحدةً منهما، وجب مهر المثل، ولو نكحهما فِي عقدَيْنِ، ووطئ إحداهما، ثم بَانَ أن إحداهما أُمّ الأُخْرَى، فينظر؛ أسبق نِكَاحُ الأُمِّ، أَمْ نِكَاحُ البِنْتِ، إن سبق نكاح الأمِّ، فإن كانت هي المَوْطُوءَةَ، فنكاحُهَا بحاله والأخرى ربيبةٌ محرمةٌ، وإنْ كانَتِ البنتُ هي الموطوَءةَ، فالنكاحَانِ باطِلاَنِ، أما نكاحُ البنتِ، فلأنَّهُ نكَحَها، وتحته أمها، وأما نكاح الأم؛ فلأنها أم مَوْطُوءَتِهِ بالشُّبْهَةِ، وله أن ينكح الْبِنْتَ مَتَى شَاءَ؛ لأنها ربيبة امرأة لم يدخُلْ بها، ويجب للبنت مَهْرُ الْمْثِلِ، وللأمِّ نصفُ المُسَمَّى؛ لأن النكاح ارتفع بصنع الزوج، وإن كان السَّابِقُ نِكَاحَ الْبِنْتِ، فإن كانتْ هي الموطوءةَ، فنكاحُها بحاله، والأمُّ مُحَرَّمَةٌ على التأبيد، وإن كانت الموطوءةُ الأمَّ، بَطَلَ النكاحان، وحُرِّمَنَا على التأبيد، أما الأمّ، فبنكاح البنت، وأما البنتُ فبوطء الأم بشُبْهَةِ النِّكَاح، ويجب للأمِّ مَهْرُ المثل، وللبنت نِصْف المسمَّى، وإن اشتبهت الموطوءةُ، وعرفت التي سَبَقَ نِكَاحُهَا، فنكاح الَّتَي سبق نكاحُها ثابتٌ؛ لأنه يحتمل أن تكون السابقةُ هي الموطوءةَ، ولا يؤثر الوطء في نكاحها، ويحتمل أن تكون الموطوءةُ الأخْرَى، فيفسد نكاح الأوَلى، وإذا وَقَعَ الشَّكُّ، فالأصل الاستمرارُ، وليس له نكاحُ الثانية؛ لأن الأُولَى، إن كانت بنتاً، فالثانيةُ أمُّ امرأته، فتَحْرُم على التأبيد، وإن كانَتْ أُمَّاً، فليس له نكاحُ البنْتِ، والأمُّ تحته، فإن كان ارتفع نكاحُ الأم بطلاقٍ أو غيره، لم يحلَّ له نكاحُ واحدةٍ منهما؛ لأن إِحداهما محرَّمةٌ على التأبيد، فأشبه ما إذا اختلطت أخته من الرضاع بامرأةٍ أخرَى لا ينكح واحدةً منهما، وإن اشتبه السابقُ منْ النكاحَيْن، وعرفت الموطؤةُ، فغَيْر الموطؤءةِ محرَّمة أبداً؛ لأنها أم الموطوءة بالشبهة أو بنت الموطوَءةِ، وأما الموطوءة، فإن كانت هي المنكوحة أولاً فَنِكَاحُها مستمرٌّ، وإن كانت المنكوحةُ أولاً الأخْرَى، فنكاحها غير منعقد، فيوقف أمرها، ويمنع منْ نكاح غيره، وإن طلبت الفسخ للاشتباه، فُسِخَ النكاح كما في تزويج الوليَّيْن، وإن اشتبه السابِقُ من النكاحَيْن، واشتبهت الموطوءةُ أيضاً، فيوقف عنهما؛ لاحتمال أنه سَبَقَ نكاحُ البِنْت، وقد دَخَل بالأمِّ، فيحرَّمان عليه، وليس له أن يَنْكِحَ وَاحِدَةً منْهُما؛ لأن إحداها محرّمةٌ عليه على التأبيد، وَلَوْ كَانَتِ الْمَسْأَلَةُ بحالها، [لَكَانَ وَطِئْهِمَا] (¬1) جميعاً، بطَلَ نكاحهما ويُحَرَّمَان على التأبيد، ثم إن وطئ أولاً الَّتي نكَحَها
¬__________
(¬1) في ز: لكن وطئهما.

الصفحة 39