كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

هذا الخلاف من الخلاف في أنَّ السَّيِّدَ إذا أذِنَ لعبده في النكاح، فنكح نكاحاً فاسداً، ووطئ فيه، هل يتعلق المهر بكسبه؟.
وحكَى أبو الْفَرَجِ الزاز طريقةً قاطعةً بالقول الأول، والوطء بالشُّبهَةِ من غير نِكَاح بأن ظنَّها ظانٌّ أنها زوجَتُه، فوطئها لا تحلِّل؛ لأن اللهِ تَعَالَى قَالَ: {حَتَّى تَنْكِحَ زَوْجًا غَيْرَهُ} [البقرة: 230] ولم يوجدْ نكاحٌ صحيح [ولا فاسد، وطرد لشيخ أبو حاتم القزوينيُّ وآخرون القوْلَ فيه] (¬1) وربما بني ذلك على أنا، إذا أثتبنا الحلَّ بالوطء في النِّكَاحِ الفاسد، لم نثبْتُه، وفيه معنيان:
أحدهما: شمولُ اسْم النكاح.
والثاني: مشاركة الوطء في النكاح الفاسد للوطء في النكاح الصحيح في الأحكام، فعلى الأول الوطءُ بالشبهة لا يحلل، وعلى الثَّانِي يحلل.
المسألة الثانية: الْمُعَتَبرُ في التَّحْلِيلِ تِغْييب الْحَشَفَةِ وبه تناط أحكام الوطء كُلُّها وقال في "المُهَذَّبِ" إن كانت بِكراً، فأقلُّ الإِصابةَ الافتضاض بآلته، ومقدارُ الحشَفَةِ من مقطوع الحشفة بمثابة الحَشَفةِ.
قَال الإمَامُ: وعلى هذا، فالمعتبرُ الحشَفَةُ الَّتي كانتْ لهذا العضْو المخصوص، وحكَى عن رواية العراقيين وجهاً أن جميع الباقي من مقطوع الحشفة بمثابة الحشفة] (¬2) فلا بدّ من الإيقال، وإذا كان الباقي أقلَّ من قدر الحشفة، لم يحصل به التحليل، كالسليم إذا غيب بعض الحشفة، ولا فرق بين أن يكون الزوجُ قويَّ الانتشار، أو ضعيفه، فاستعان بإصبعه أو بإِصْبَعِها، أمَّا إِذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ انْتِشَارُ أَصلاً، إمّا لِعُنَّةٍ أو لشَلَلٍ في الذِّكَر، فَعَنِ الشَّيخِ أَبِي مُحَمَّدٍ وغيره؛ الاكتفاء به، لحصول صورة الوطء وأحكامه، وهذا ما أورده في الكتاب، والمشهور في كتب الأصْحَاب الْمَنْعُ، لعدم ذوق العسَيْلَة، واسْتِدْخَالُ الذَّكَرِ يفيد الحلَّ سواء كان الرجلُ نائماً أو منتبهاً، واستدخال الماء لا يفيد الحل (¬3).
المسألة الثالثة: لا فرق بين أن يكون الزوجُ الثانِي عاقلاً أو مجنوناً حُرَّاً أو عبداً خصيّاً، أو فَحْلاً مسلماً أو ذِمِّيّاً، إذا كانت المطلَّقة ذمية سواءٌ كان المطلَّق مسلماً أو ذمياً والمعتبر أن يكون وطء الذمي في وقت، لو ترافعوا إلَيْنا لقَرَّرَّناهم على ذلك النكاح (¬4)، والمراهقُ والصبيُّ الذي يَتَأتَّى منه الجماع، كالبالغ خلافاً لمالك -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وفي
¬__________
(¬1) سقط في ز.
(¬2) سقط في ز.
(¬3) قال النووي: ولو لف على ذكره خرتة وأولج، حلل على الصحيح.
(¬4) قال النووي: لا يشترط في تحليل الذمية للمسلم وطء ذمي، بل المجوسي والوثني يحللانها أيضاً للمسلم، كما يحصنانها، صرح به إبراهيم المروذي.

الصفحة 51