كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

"التتمة" أن للشَّافِعِيَّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- قولاً مثلَهُ، وأما الطفل الذي لا يتأتَّى منه الجماع، ففي الاكتفاء بتغييبه وجهان:
المذكور في الكتاب الاكتفاء، يحكى عن اختيار (¬1) القَفَّالِ؛ والأصح المنع، وهما كالوجهين في اشتراط الانتشار، أو هما هما.
وحكى الإمام عن اتفاق الأئمة على الاكتفاء بوطء الصبي، كما إن وطئ الصبية المطلقة في الصَغر يكتفي (¬2) به، ولكن الشَّيخَ أَبا الْفَرَجِ حَكَى الوجهين في الصَّبيَّة الَّتِي لا تْشُتهَى أيضاً.
ويتعلَّق بهذا الأصل ما قال الأئمة: إنَّ أسْلَمَ طريقٍ في البابِ وأدْفَعَهُ للعارِ والغيرة أن تُزَوّج من عبد مراهق، أو طفلٍ للزوج، أو غيره، وتستدخل حشفته، ثم تتملكه ببيع أو هبة، فينفسخ النِّكَاحُ، ويحصل التحليل، إذا اكتفينا بوطء الصغير، ويتعلَّق بأصل آخر، وهو إجبار العبد على النكاح، فإن لم نجوِّز للسيد أن يزوِّج من العبد الصغير، امتنع ذلك وإنما كان أسلم الطرق؛ لأنه لا يوثَقُ بطلاقِ الزوج؛ ولأن البالغ قد يُحْبِلُها، فيطول الانتظار، وأما أنه أدفعُ للعار والغيرة، فظاهر.
المسألة الرابعة: وطء الزوج الثاني في إحرامه أو إحرامها أو حيضها أو في نهار رمضان، أو على ظن أنه يطأ أجنبيةً يفيد الحلَّ؛ لأنه أصابه زوج في نكاح صحيح، وكذا لو وطئها بَعْدَ مَا حُرِّمَتْ عليه بالظِّهَارِ والعود، وكذا لو وطئها، وهي في العدة عن وطء شبهة، وقع بعد نكاحه إياها في أصحِّ الوجهين، ووطئه بعد ارتدادها أو ارتداده.
نَصَّ الشَّافِعِيُّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهِ- على أنه لا يفيد الحِلَّ، وإن فُرِضَ الرجوعُ إلى الإِسلام؛ لاضطراب النِّكاح بخلاف سائر أسباب التحريم، فإنَّها لا توجب اختلال النَكاح، واعترض المُزَنِيُّ بأنه، إنْ دخل بها قبل الردة، فقد حصل الحل، وإلا، فتبين بنفس الردة، فلا معنى للرجوع، وأجاب الأصحاب بتصوير العدة من غير فرض الدخول، إما بالخلوة على القديم، أو بأن يطأ فيما دُوَن الْفَرْجِ، فيسبق الماء إلى الفرج؛ بأن تستدخل ماءه أو بأن يأتيها في غير المأْتَي، فتجب العدة بهذه الأسباب، ولا
¬__________
(¬1) قال النووي: هذا الوجه كالغلط المنابذ لقواعد الباب. ونقل الإِمام اتفاق الأصحاب أنه لا يحلل.
(¬2) قال الشيخ البلقيني: صورته أن يكون مطلق الثلاث لم يدخل بها وإلا فمتى دخل بها يمتنع تزويجها في حال الصغر إلا إذا كانت مجنونة أو أُمة.
وقال: الصغيرة التي لا يجامع مثلها نص الشَّافعي في الأم ظاهر في أنه لا يحصل التحليل بإصابتها. ولفظه وكل زوجة حرة ومملوكة وذمية بالغ أو غير بالغ إذا كان يجامع مثلها.

الصفحة 52