كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

يحصل (¬1) الحِلُّ.
المسألة الخامسة: إذا نكحها الزوج الثاني بشرط أنه إذا وطئها بَانَتْ منه، أو نكحها إلى أن يطأها أو على ألاَّ نكاح بينهما إذا وطئها، فهذا النِّكاحُ بَاطِلٌ؛ لأنه ضرب من نكاح المتعة، وقد روي أنه عَلَيْهِ السَّلاَمُ قَالَ: "لَعَنَ اللهُ المُحَلَّلَ وَالْمُحَلَّلَ لَهُ".
فإن نكحها على شرط أنه، إذا وطئها، طلَّقها، ففيه قولان فيما روى الجمهورُ، وقال صَاحِبُ "الكتاب" وَجْهَانِ:
أصحهما: أنه باطل؛ لأنه شرط يمنع صحة دوام النكاح، فأشبه التأقيت.
والثّاني: يصح العقد، وبه قَالَ أَبُوحَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- ويفْسُدُ الشرط، كما لو نكحها بشَرْطِ ألَّا يتزوَّج عليها، أو لا يسافر بها، وعلى هذا يسقط المُسَمَّى، ويجب مَهْرُ الْمِثْلِ، وإن لم يجر شرط، ولكن كان في عزمه أن يطلقها، إذا وطئها كره، وصح العقد خِلاَفاً لمالك وأحمد -رَضِيَ اللهُ عَنْهُمَا- ولو نكحها على ألاّ يطاها إلا مرَّةً، أو على أن لا يطأها نهاراً، فالحكاية عن نَصَّ الشَّافِعِيِّ -رَضِيَ اللهُ عَنْهِ- في مواضعَ: أنه يصح النكاح، ويلغو الشرط، وفي موضع آخر: أنه لا يصح النكاح، وللأصحاب طريقان، نقلهما الشَّيخُ أبو مُحَمَّدٍ في "السِّلْسلَةِ".
أحدهما: أَنَّ الْمَسْأَلَةَ على قولَيْن، وجْهُ الأولِ القياسُ عَلَى ما إذا شرط إلاَّ يتزوج عليها، ولا يسافر بها، ووجْهُ الثاني إخلاُل هَذَا الشَّرْطِ بِمَقْصُودِ الْعَقْدِ.
وأصحُّهما: وبه قال الرَّبِيعُ أَنهُمَا محمولانِ عَلَى حالتين، فَحَيْثُ قال: يَبْطُلُ النكاح، أراد ما إذا شرطَتِ الزوجةِ ألاَّ يطأها، وحيث قال: يصح، أراد ما إذا شرط الزوج ألا يطأها، والفرق أن الوطء حَقٌّ له، فله تركه، والتمكين حقٌّ عليها، فليس لها تركُهُ.
ولك أن تقول: إذا شرط أحد المتعاقدين شرطاً، فإن لم يساعده صاحبُه، لم يتمَّ العقد، وإن ساعده، فالزوج بالمساعدة تاركٌ لحقه، فهلا كَانتْ مُسَاعَدَتُهُ كاشتراطه، وَهِيَ بالمُسَاعَدَةِ مَانَعِةٌ حَقَّهُ فَهلاَّ كانتْ مساعدتها كاشتراطها لحقها، ولو تزوّج امرأةً عَلَى أَلاّ تحل له، ففي "النهاية" أنه يجب أن يلتحق ذلك بالخلاف في شرط الامتناع عن
¬__________
(¬1) قال النووي: هذا الذي ذكره عن النص أنها لا تحل بالوطء في الردة، هو الصواب، وبه قطع جماهير الأصحاب. وقال صاحب "التلخيص": إن اجتمعا في الإِسلام قبل انقضاء العدة، حلت للأول، وتابعه عليه القفال، وليس بشيء. ولو طلقها رجعياً، باستدخال الماء قبل الدخول، ثم وطئها في العدة لم تحل للأول وإن راجعها في العدة، نص عليه الشَّافعي والأصحاب، وقال إبراهيم المروذي: إذا قلنا: تحل بوطء الشبهة، فهنا أولى، وإلا، فلا تحل.

الصفحة 53