كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)
من معلقات القاضي شريح الرُّويَاني ممَّا حكاه عن جَدِّه أبي العباس الرُّوياني، وغيره أنَّه لو قال لزوجته أحللتُكِ، ونوى طلاقَها، هل يكون كنايةً؟ فيه وجهان (¬1)، وأنه لو قال: أنتِ بائن وطالقٌ، رجع إلى نيته في بائن، ولا يجعل قوله وَطَالِقٌ تفسيراً له وأنه لو قال: (أنتِ طالقٌ سه تارة) قال جدِّي -رحمه الله- الظاهر منْه في غالب عادات النَّاس إرادةُ ثَلاَث طلقاتٍ، ويحتمل أن يرجع إلَيْه فيحمل اللفظ على ما أراده، وأنَّه لو كرَّر لفظاً من ألفاظ الكنايات، بان قال لها: اعْتَدِّي، اعتدي اعتدي، ونوى الطلاق، فإن نوى التأكيد وقعت طلقة وإن نوى بها الطَّلاق، وقَعَت بكل لفظة طلقة [وإن لم ينوِ فقولان] إن القَفَّال قَطَع بأن لو قال (طلاق دادم) (¬2) أو قال: طلقت، ونوى امرأته، لم يقَعِ الطلاق عَليْها؛ لأَنَّه لم يشر إليها ولا سمَّاها بلفظه، بخلاف ما لو قال: (مرا طلاق دادمْ) (¬3) فإنه إشارة، بخلاف ما لو قال (درخوش) (¬4) (وإطْلاق دادم) (¬5)، فإنه تسمية، ولو قالت له طلقني، فقال: طلاق دادم أو قيل له: ما تصنع بهَذهِ المرأة طلقها، فقال: طلقت أو قال لامرأته: طلقي نفْسَكِ، فقالت: طلقْتُ، يقَعُ الطلاق؛ لأنَّه يترتب على ما سَبَق من الالتماس أو التفويض، فإنه لو قال لغَيْره: قَدْ مللت من امرأتي، فقال: (طلاق دهش) (¬6) فقال دادم (¬7) فقال القفال لا يقع الطَّلاق؛ لأنه لا يصلح عبارة عن الطلاق، إلاَّ أن يقول (طلاق دادامش) (¬8)، ولا يبعد أن يقال بالترتيب عَلَى الأول؛ كما في الصورة السابقة وأجَاب بمثْل جوابِهِ فيما إذا قال: (رهاكنش) (¬9)، فقال (رها كردش) (¬10) ولا يبْعد أن يجعل هذا اللَّفْظ تفْسيراً للسّراح، ويُحْكَى عن القَفَّال أنه لا يحصل للبراجم (¬11) صرائح فيستمر الجواب على اختياره، وأنَّه لو قال (بوارزنى) (¬12) (من يِكِ طلاق) (¬13) ولم تَرِدْ عليه قال القَفَّال: لا يقع الطلاق، وإن نوى كما لو قال: أنْتِ بطلقة لا يقع، ولو قال: (زن طلاق دادم) (¬14) فهو كناية إن أراد إيقاع الطلاق على زوْجَته وقع وإلا فلا؛
¬__________
= عدوله من الإِشارة إلى العبارة يوهم أنه غير قاصد، وسيأتي مسألة ما لو قيل له يا زيد فقال امرأة زيد طالق، أنه لا يقع على الأظهر.
(¬1) قال النووي: الأصح أنه كناية.
(¬2) جملة فارسية بمعنى: طلقت.
(¬3) جملة فارسية بمعنى: خليت بيني وبينك.
(¬4) يعني: في نفسه.
(¬5) جملة فارسية بمعنى: خلصتها.
(¬6) جملة فارسية بمعنى: خلصها بالطلاق.
(¬7) يعني: فعلت أو طلقتها.
(¬8) جملة فارسية بمعنى: طلقتها.
(¬9) يعني: خلصها.
(¬10) جملة فارسية معناها: تحررت (خلصت).
(¬11) في ز: للراحم.
(¬12) جملة فارسية بمعنى: أنت غير لائقة.
(¬13) يعني: طلقة واحدة.
(¬14) يعني: طلقت يا امرأة.