كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

الوطء، وقال في "الْوَسِيْطِ" ينبغي أن يفسد؛ لما فيه من التناقض (¬1)، وجميع ما ذكرناه فيما إذا جرتْ هذه الشروطُ في نفس العقد، فأما إِذا تواطأ عَلَى شيءٍ منها قبل العقد، وعقدا على ذلك القصد، فهل هو كالمقرون بالعقد؟.
فيه وجهان؛ أخذاً من مسألة مَهْرِ السِّرِّ والعلانية، والأصحُّ المنعُ، وَعَنْ مالِكٍ -رضي الله عنه- أنه كالمَشْرُوط في العَقْد.
المسألة السادسة: إذا قالَتِ المطلَّقةُ ثلاثاً: نكَحْتُ زوجاً آخر، ووطِئَني وفارقني، وانقضت عِدَّتِي منه، فيقبل قولها عند الاحتمال، وإن أنكر الزوْجُ الثاني (¬2)، وصُدِّق في أنه لا يلزمه إلا نصف المهْرِ، وذلك؛ لأنها مؤتمنة في انقضاء العدة، والوطء مما يُتعذَّر إِقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عليه، ثُمَّ إن غلب على ظَنَّهِ صدْقُها، فله نكاحها من غير كراهة، وإنْ لم يَغْلِب، فالأَوَلى ألا ينكحها، وإنْ قال: هي كَاذِبَة، لم يكن له نكاحُهَا، فإن قالَ بعد ذلك: تبيَّنْتُ صدْقَها، فله نكاحها (¬3) لأنه ربما انْكَشَفَ له خلافُ ما ظنه.
المسألة السابعة: طلق زوجته الأمة ثلاثاً ثم ملكها، لم يحل له وطؤها بملك اليمين إلا بعد زوجٍ، وإصابة لظاهر (¬4) الآية، وفيه وجه؛ أنها تحل؛ لأن الطَّلَقَاتِ الثَّلاَثَ لا تمنع المِلْك، فلا تمنع الوطء بالملك بخلاف النكاح، واللهِ أعْلَمُ.
ثُمَّ لا بَأْسَ بالتَّنْصِيصِ على المواضع المستحقة للعلامات على ما هو رسْمُ الكتاب، فقوله: "ولا يكفي نكاح الشبهة" معلم بالواو، والمرادُ منه النكاح الفاسد.
¬__________
(¬1) قال النووي: قول الغزالي أصح والله أعلم.
(¬2) مراد الشيخ بقوله "وإن أنكر الزوج الثاني" الإِصابة لا الطلاق بدليل قوله "وصدق" في أنه لا يلزمه إلا نصف المهر وصورة المسألة أنها أقرت لزوج معين وأنكر الإِصابة، وكذا لو أقرت بنكاح رجل غير معين أما لو أقرت بنكاح رجل معين وادعت أنه طلقها أو مات عنها فلا بدّ من بينة كما ذكره المصنف قبيل دعوى النسب عن فتاوى البغوي.
(¬3) قال النووي في زوائده: قد جزم الفوراني بأنه إذا غلب على ظنه كذبها، لم تحل له. وتابعه الغزالي على هذا، وهو غلط عند الأصحاب، وقد نقل الإِمام اتفاق الأصحاب على أنها تحل وإن غلب على ظنه كذبها إذا كان الصدق ممكناً. قال: وهذا الذي قاله الفوراني غلط، وهو من عثرات الكتاب، ولعل الرافعي لم يحك هذا الوجه، لشدة ضعفه، ولقول الإِمام: إنه غلط. قال إبراهيم المروذي: ولو كذبها الزوج والولي والشهود، لم تحل على الأصح. والله أعلم.
قال الشيخ البلقيني: الأصح عندنا الحل خلافاً للمصنف وشاهد ما صححناه نص الشَّافعي وتفريعهم على الجديد في إقرارها وجزم بما صححناه أبو الفرج الزاز في تهذيب البغوي في صورة تكذيب الزوج والشهود الحل من غير ذكر خلاف.
(¬4) قال النووي: قال العلماء: الحكمة في اشتراط التحليل، التنفير من الطلاق الثلاث.

الصفحة 54