كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

أَنْ يَنْكِحَ الْمُحْصَنَاتِ الْمُؤْمِنَاتِ} [النساء: 25] الآية والطَّوْلُ: السَّعَةُ وَالْفَضْلُ عَنِ ابنِ عَبَّاسٍ -رَضي اللهُ عَنْهُمَا- وَلَمْ يعْتَبرْ هَذَا الشَّرْطْ أبو حَنِيْفَةَ وَفِيهِ مَسَائِلُ.
المسألة الأولى: الْقَادِرُ عَلَى نِكَاحِ حُرَّةٍ رَتْقَاءَ أَوْ قرْنَاءَ هَلُ لَهُ نِكَاحُ الأمَةِ.
فِيْهِ وَجْهَانِ يوجه إحدهما بِحُصُولِ بَعْضِ الاسْتِمْتَاعَاتِ.
والثَّانِي: بِأَنَّ مَا هُوَ الأصْلُ لاَ يَحْصُلُ، وفي "التَّتِمَّة" أَنَّ هذا الخلاف مبنيٌّ على الخلاف فِيْمَا إِذا كانت رَتْقَاءَ أَوْ قُرْنَاءَ، إن قلنا إن وجودها يمنع نكاح الأمة، فكذا الْقُدْرَةُ عَلَيْهَا، كَمَا أَنَّ الْقُدْرَةَ على استعمال الْمَاءِ يمنع التَّيمُّمَ، فإن قُلْنَا: إنَّ وجودَهَا لا يمنع القدرة عليها أولَى ألاَّ يُمْنَعٍ، لكنَّ الجواب في "الْكِتَاب" وَالتَّهْذِيب" أنه يَجُوزُ نِكَاحُ الأمَةِ هاهنا مع الجواب بأنَّ وجودَهَا يمنعه، وَيجْرِي الْخِلاَفُ فيما لو قدر على نكاح مرة وضيعة، وأولَى بَجَوَازِ نِكَاحِ الأَمَةِ لِفَوَاتِ الاسْتِمَتَاعِ بتوابعه، ويجري في المجنونة والمجذومة، وأولى بالمنع لإِمْكان الاستمتاع، ولو كانت الحرةُ الَّتِي يقْدِرُ على نكاحها معتدَّةً عن الغير.
حَكَى الْقَاضِي الرُّوَيانِيُّ عَنْ وَالِدِهِ أَنَّ لَهُ نِكَاحَ الأَمَةِ، وَهُوَ جَوَابٌ عَلَى أَحَدِ الْوَجهَين والله أعْلَمُ.
وفرّع المتولِّي على الوجهَيْن في هذه المسائل أن المستَجْمِعَ لشرائط نكاح الأَمَةِ هَلْ يَنْكِحُ أمَةً صَغِيرَةً؟.
إن قلنا: إن وجود الحرَّةِ الصغيرة في نكاحِهِ لا يمنع نكاح الأَمَةِ، فلا ينكح الأَمَةَ الصَّغِيرَةَ؛ لأنه لا يأْمَنُ بها من العنت، وإن قُلْنَا: إنهُ يَمْنَعُ نِكَاحَ الأَمَة، فله أن ينكحها إلحاقاً للصَّغِيرَةِ بِالكبِيرَةِ في الجواز كما أُلْحِقَتْ بها في المنع.
قَالَ: والأوَّلُ أظهر.
ولو قدر على نكاح حرَّةٍ غائبةٍ عن بلده، فقد أطلق في "الْكِتَاب" أن له نكاحَ الأَمَةِ، وفصل أكثر أصحابنا، فقالوا: إن كان يخاف الْعَنَتَ في مدَّةِ قطع المسافة أو يلحقه مشقة ظاهرةٌ بالخروج إلَيْها، فله نِكَاحُ الأَمَةِ، وإلاَّ، فَلاَ، وضبط الإِمام المشقَّة المعتبرة بأن ينسب متحمِّلَها في طلب زوْجَّةٍ إلى الإِسراف ومجاوزة الحد.
المسألة الثانية: لو قدر على صَدَاقِ حُرَّةٍ كِتَابيَّةٍ، فَوَجْهَانِ عن حِكَايَةِ أَبِي إسْحَاقَ أو وتخريجه:
أحدهما: أنه يجوز له نِكَاحُ الأَمَةِ؛ لأن الشَّرْطَ في الآية ألا يستطيع طَوْلَ المؤمنات، وقد يحصل.
وأصحهما: المنع؛ لأنه مستغنٍ بها عن إرقاق وَلَدِه؛ ولهذا لو كان تحته كتابيةٌ،

الصفحة 57