كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

الجمعتين في مثل هذه الصورة ذكرُ قولين:
أحدهما: بطلانهما واستئناف جمعة، وهو كالمنصوص هاهنا.
والثاني: أَنَّ الْحُكُمَ كما لو عرفت السابقة ثم اشتبهت فيعيدون جميعاً الظهر، فمن الأصحاب من خرج هذا القول في النَّكَاحَينِ أيضاً.
وقال بالتوقف كما في الصورة الرابعة، ومنهم من أباه فرقاً بأن الجمعة بعد تمامها على الصحة لا يلحقها البطلان، والنِّكَاحُ يلحقه الفسخ بأسباب وأعذار، وإذا ألحقنا هذه الصورة بما إذا احتمل السبق والمعية فيبطلان، أو لا بدّ من إنشاء الْفَسْخ فيه الخلاف المذكور هناك، فإن أحوجنا إلى إنثاء الفسخ فيه ففيمن يفسخ ثلاثة أَوْجُهٍ مَنْقُولَةً في "النهاية".
أشبهها: أنه لا ينشئ الفسخ إلاَّ الحاكم، أو المحكم إذا جَوَّزْنَا التحكيم؛ لأن في الواقعة إشكالاً والتباساً، فيحتاج فيها إلى نَظَرٍ وَاجْتِهَادٍ.
والثاني: أَنَّ للمرأة الْفَسْخَ غير مراجعة الحاكم، كما تفسخ تحت الزوج.
والثالث: أَنَّ للزوجين الفسخ أيضاً كم يفسخ الزوج برتق الزوجة، ثم نختم الصور بجملتين:
إحداهما: حيث حكمنا ببطلان النكاحين، فلا مَهْرَ على كُلِّ واحد منهما إلاَّ أن يفرض دخول، فيجب مَهْرُ المِثْلِ، وإذا قلنا بالبطلان عند احتمال السبق والمعية، وفيما إذا سبق أحدهما، ولم يعلم السابق على أحد القولين كيف الحال -أنقول بالبطلان ظاهراً وباطناً؟ أم نقول به ظاهراً لا باطناً؟.
ذكروا فيه وجهين: إن قلنا بالأول، فلو ظهر وتعين السابق يوماً من الدهر فلا زوجية، ولو كانت قد نكحت ثالثاً فيه زوجته، وإن قلنا بالثاني فالحكم بخلافه ويشبه أن يقال هذا الخلاف، والخلاف المذكور في أنهما يبطلان ويرتفعان بنفسهما، أو يحتاج إلى الرفع والفسخ شيء واحد، والاختلاف إنما هو في الْعِبَارَةِ لكن قال في"التَّهْذِيبِ":
الاحتياط أن يَقُولَ الْحَاكِمُ: فَسَخْتُ نِكَاحَ مَنْ سبق لهاذا فسخ، أو لم يفسخ، فلا نكاح بينهما في الظاهر، وفي الباطن وجهان. هذا لفظه واللهُ أعلم بالصواب.
الثانية: إذا قلنا بالتَّوَقُّفِ فلو مات أحدهما، وقفنا من تركته ميراث زوجته، ولو ماتت هي وقفنا ميراث زوج بينهما، حتى يصطلحا أو يتبين الحال، وهل يطالبان بالنفقة؟.
فيه وجهان:
أحدهما: لا، لأَنَّ الأَصْلَ بَرَاءَةُ الذِّمَّةِ، ونحن لا نتيقن وجوب النفقة على واحد منهما، ولأن كل واحد منهما يقول: إن كانت في نكاحي فمكنوني من الاسْتِمْتَاعِ بها، فإن تعذر ذلك فلاَ أُنْفِقُ.
والثاني: نَعَمْ؛ لجريان صُوْرَةِ الْعَقْدِ، وعدم النُّشُوزِ، وكونها في حَبْسِهِمَا والأول أَظْهَرُ عند الإِمام، وبالثَّانِي أَجَابَ الْقَاضِيُ ابنُ كَجٍّ، وعلى هذا فيوزع عليهما، وإذا ظهر

الصفحة 6