كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

أظهرهما: عند الإِمام، وبه قال صَاحِبُ "التَّلْخِيصِ": أنَّه على قَولَيْن، كما في القسم الأول، وَقَالَ ابنَ الْحَدَّادِ، وأبو زيد وآخرون: يَبْطُلُ جزماً؛ لأنه جمع بين امرأتين، لا يجوز له الجمْعُ بينهما، ويجوز له نِكَاحُ كُلِّ وَاحِدَةٍ منهما وحْدَها، فيبطل النكاحان، كما لو جمع بين الأختين.
وقال مَنْ نصر الأول: قال ليس هذا كنكاح الأختَيْن؛ لأنه ليس نكاحُ أخْتٍ بأَقْوَى من نكاح أخت، هاهنا نكاحُ الحُرَّة أقوى؛ ألا تَرَى أن نكاحها إذا سبَقَ مَنَعَ نكاحَ الأمةِ، والعكْسُ بخلافه، ولو جَمَعَ بَيْنَ مُسْلِمَةٍ، وَوَثَنِيَّةٍ، أوْ أجنبيةٍ ومحرم، أو خَلِيَّة، ومعتَدَّة أو منكوحةٍ، فهو كما لو جَمَع بين حُرَّةٍ وَأَمَةٍ، وإذا صَحَّحْنَا نكاحَ مَنْ تحِلُّ له، فَقَدْ قدَّمنا في "تفريق الصفقة" روايةٍ قَوْلٍ أنها تستحِقُّ جميع المسمَّى، ويعزى هذا إلى أبي حَنِيْفَةَ -رَضِيَ اللهُ عَنْهُ- وذكرنا هناك أن المذْهَب أنها لا تستحِقُّ جميعه، ولكن تستحِقُّ مهْرَ المثلِ في أحد القولَيْن، وما يخصُّ مهر مثلها من المسمَّى إذا وزع على مهر مثلها ومهْر مثل الأخرَى في القول الثاني، وبَنْوا هذَيْن القولَيْن على القولين في أن مَنْ نَكَحَ امْرَأَتَيْنِ على صَدَاقٍ وَاحِدٍ، يجب لكلِّ واحدةٍ منهما مهْرُ مثلها، أو يوزَّع المسمَّى على مهرَيْهما، وسيأتيان في "كتاب الصداق" إن شَاءَ اللهُ تَعَالَى فإن قلنا: إنها تستحقُّ جميع المسمَّى، فللزوج الْخِيَارُ في فسخ الصداق، والرجوع إلى مَهْرِ المثل، كما ذكرنا في "باب التفريق"، وإن قلْنا: تستحقُّ مهْرَ الْمِثْلِ، فلا فسخ لَلزوج؛ [إذ لا فائدة فيه] لأنه، وإن فسخ، فالرجوع إلى مَهْرِ المثل، وإنْ قلنا: تستحقُّ حصَّةَ مَهْرِ المثلْ من المسمَّى، فعن الشيخ أبي عليٍّ: أنَّه، إنْ كان المسمَّى مما تمكن قسمتُهُ كالحبوب، فلا خيار، وإن كان ممن لا تمكن قسمته؛ كالعبد والدابة، فله الخيار؛ لتضرُّره بالتشْقيص، وإن فَسَخَ، فَعَلَيهِ مَهْرُ الْمِثْلِ.
وَاعْلَمْ أنَّ الجَمْع بيْنَ من تَحِلّ له، وبين من لا تحِلُّ له، قد يُصوَّر فيما إذا كان الزوْجُ وَلِياً لَهُما، كما إذا زوج أمته وابنته، وفيما إذا كان وَكِيلاً من جهة [الوِليَّيْن، وفيما إذا كان ولياً لإِحداهما وكيلاً من جهة] (¬1) وليَّ الأخرَى، وموضع الخلاف فيما إذا قال: زوَّجْتُكَ هذه وهذه بكذا، فقال: قبلْتُ نكاحهما بكذا، فأما إذا قال: زَوَّجْتُكَ بِنْتِي هذه، وزوَّجْتُكَ أَمَتِي هذه، فَقَالَ قَبِلْتُ نِكَاحَ ابْنَتَكَ، وقبلتُ نكاح أَمَتِكَ، أو اقتصر عَلَى قبول نكاحِ البنْتِ، فنكاحُ البنتِ صحيحٌ لا محالة، ولو فصَّل المزوِّج، وقال: الخاطبُ قبلتُ نكاحَهُما، فالحكم كما لو فصَّلا جميعاً أو كما لو جَمَعَا جَميعاً؟ وفيه اختلاف للأصحابُ والأصح عند الإِمام الأول، والخلافُ جارٍ فيما لو جمع المُوجب، وفصَّل
¬__________
(¬1) سقط في ز.

الصفحة 64