كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 8)

حال التقدم والتأخر وكذلك في نكاح الحرة والأَمة، وكما يندفع نكاحُ الأَمة بالحرَّة الطارئة، يندفع باليسار الطارئ، إذا قارن الإِسلامَ، ولو اقترنَ اليَسَارُ بالعَقْدِ الجاري في الشِّرْك، ودام إِلى الإِسلام، فالاندفاع أولَى، وخرَّج بعضهم اندِفَاع [نكاح] (¬1) الأمة على القولَيْن، بناءً علَىَ هَذا الأَصل السابِقِ، وينسب هذا إِلى اختيار القاضِي الحسين، والظاهرُ الأَولْ؛ لكنه مخالفٌ لما مرَّ من تجويز الإِمساك في العدة والإحرام الطارئَيْنِ، فإنَّ ذلك تنزيلُ الإِمساك منزلةَ الاسْتدامة، وهذا تنزيلٌ له منْزلَةَ الابتداء، وفرق بين الفصلَيْن بأَنَّ الإمساكَ فيه مشابهةُ الاستدامة، ومشابهة الابتداء، فرجَّحنا في العدَّة والإِحرامِ مشابهةَ الاسْتدامة، كما في نكاح المُسْلم، إِذا طرأَ عليه أَحْدُهما وههنا راعَيْنا مشَابهة الابتداء، لأَن نكاح الأَمة بدَلٌ يُعْدَل إلَيْه عند تعدُّر نكاح الحرة، والابدال أضيق حكمَاً من الأَصول، فجرينا على [التضييق] (¬2) اللائق به، والحاصلُ للفَتْوَى أنه متى أَسَلَم الكافرُ، وتحته أمة، وأسلمت معه، أو جمعت العدَّة إسلامهما، وهي مدخول بها، فإن كان مِمَّنْ يَحِلُّ له نكاحُ الإماء، أَمسكها، وإن كان ممَّنْ لا يحل له نكاحُهُنَّ، إِما لليسَار، وإِما للأَمْنِ من العَنَت، اندفع نكاحُها.
المسألة الرابعة: إذا أسلَمَتِ الزوجةُ بعْد الدخول، وارتدَّتْ، نُظر؛ إِن لم يُسْلِمِ الزَّوْجِ، حتى انقضتْ مدَّةُ العدَّة، بانت باختلاف الدِّين أَولاً، وتكون العدة من يومئذٍ، وِإن أسلم قبل انقضائها، سقَطَ حكم العدة من يومئذٍ، ويتوقَّف، إِن عادت إلى الإِسلام قَبْل انقضاء مُدَّة العدة من وقت رِدَّتها، استمر النكاح، وإِلاَّ، انقطع من يوم الردة.
وكذا لو أَسلم الزَّوْج بعد الدخول، وارتدَّ، إن لم تُسْلِم المراة إِلى انقضاء مدَّة العدَّة من يوم إسلامه بانَتْ منه، وإن أَسلمت، توقَّفَنا، إِن عاد الزوْجُ إِلى الإِسلام قبل انقضاء مدَّةِ العدَّة من وقْت ردَّته، استمر النِّكَاحُ، وإلا حصلت الفُرْقَة من يومئذٍ.
وذكر الإِمام أن القَفَّالَ حَكَى عن النصِّ أنه يندفع النكاحُ في إِسلام أَحد الزوجَيْن وارتداده، ولا يتوقَّف، وأَنه احتج بذلك باندفاعه بالعدَّة والإِحرام الطارئين كما حكَيْنا عنه، والظاهر التوقُّف، وعلى هذا قال صاحب "التَّهْذِيبِ" وغيره: الردَّةُ يفترق فيها حكْمُ الابتداء والاستدامةِ؛ لأَن ابتداءَ نكاح المرتد باطلٌ غير منعقدٍ على التوقُّف، وفي الدوام توقَّفنا، فالتحقت الردَّةُ بالعدَّةِ للشبهة والإِحرام، وِإنما قيل بالتوِقُّف في الردة، لم نجوِّز الاختيار فيها، بخلاف الإِحرام والعدة؛ لأَن منافاة الرِّدَّة للنكاح أشدُّ؛ ألا تَرَى أنَّها تقطع النكاح على الجملة، وهمَا لا يقطعان النكاح، وكذلك لا يجُوزُ الرَّجْعة في الرِّدَّة، وتجوز في الإِحرام على الأَظهر ولو أَسلم، وتحْته فوق العدد الشرعيَّ؛ وارتد ثم
¬__________
(¬1) سقط في ز.
(¬2) في ز: السبق.

الصفحة 94