كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)
الملك أبو الممدوح.
الثانية: قدْ مرَّ أن إيقاع بَعْضِ طلقة كإيقاع كلِّها.
ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا نصْفَ طلقة، فوجهان، حكاهما الشيخ أبو علي وغيره.
أصحُّهما: أنَّه تقع الثلاث؛ لأنَّه أبْقَى نصْف طلقة، فتُكَمَّل.
والثاني: أن استثناء النصْف كاستئناء الكُلِّ، كما أن إيقاع النصْف، كإيقاع الكُلِّ، فتقع طلقتان، والظاهر الأوَّل، والتكميل إنَّما يكُونُ في طرق الإِيقاع؛ تغليباً للتحريم.
ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا طلقةٌ ونصْفاً، فَعَلَى الأصح: تقَعُ طلقتان، وعلى الثاني: طلقة، ولو قال: طلقتين إلا نصْفَ طلقة، فعلى الأول: الأصَحُّ تقع طلقتان، وعلى الثاني طلقة، ولو قال: طلقة إلا نصْفَ طلقة، وقَعَت طلقةٌ بلا خلاف.
ولو قال: أنتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين ونصفاً، فإن جعلْنا استثناء النصْف كاستثناء الكُلِّ، فَهُوَ كما لو قال: أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلاَّ اثنتين وواحدةً، وإن قلْنا بالأصحِّ، ففيه احتمالان للإِمام -رحمه الله-:
أحدهما: يبطل ذكر النصف، ويبقى قولُه: "أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين".
والثاني: أنَّه يجعل ذكر النصف كذكر الكُلِّ؛ لأنَّه يؤثر في الإِيقاع إذا جمعْنا بيْن المستثنين المعطوف أحدهما على الآخر.
ولو قال: أنْتِ طالقٌ ثلاثاً إلا اثنتين إلا نصف طلقةٍ، قال الإِمام: يَصِحُّ الاستثناءُ الثاني؛ فإنَّه يؤثر في الإيقاع لأن الاستثناء من النَّفْي إثباتٌ، ولو قَالَ: أنتِ طالقٌ واحدةً ونصْفاً إلا واحدة، ذكرَ الحناطي -رحمه الله- نَقلاً أنه تقع طلقة، واحتمالاً، أنَّه تقع طلقتان (¬1)، والوجهان مبنيان على أن الاستثناء ينْصَرِف إلى المذكورين جميعاً أو إلى الثاني، وعلى التقدير الثاني يكون الاستثناء مستغرقاً، فيبطل، ويقع طلقتان.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الفَصْلُ الثَّانِي في التَّعْلِيقِ بِالمَشِيئَةِ): فَإذَا قَالَ: أَنْتِ طَالِقٌ إنْ شَاءَ اللهُ لَمْ يَقَعْ لأَنَّهُ لاَ يَدْرِي أنَّهُ شَاءَ الله تَعَالَى أَمْ لاَ، وَكَذَلِكَ في العِتْقِ (م)، وَنَصَّ عَلَى أنَّهُ لَوْ قَالَ: أَنْتِ عَلَيَّ كَظَهْرِ أُمِّي إنْ شَاءَ اللهُ لاَ يَكُونُ مُظَاهِراً، وَقَدْ قِيلَ بِطَرْدِ هَذَا القَوْلِ فِي
¬__________
= "أبوه" للممدوح، ففصل بين "أبو أمّه"، وهو مبتدأ، و"أبوه" وهو خبره، بأجنبيّ، وهو قوله "حيّ"، كما فصل بين "حيّ"، ونعته، وهو قوله "يقاربه" بأجنبي، وهو "أبوه"، وقدَّم المستثنى على المستنثى منه.
(¬1) في ز: و.