كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

على الحجرة بابٌ يُغْلَق، ويشهد له ما ذكر أن البيتين من الدار الكبيرة، إذا انفرد كل واحد منهما بباب (¬1) يُغْلَق، يجوز أن يسكُنَ الزوجُ إحداهما، ويُسْكِنَها الآخر، كالبيتين من الخان، ووفى القاضي الرويانيّ بالقضية الأولى، فقال: لا يجوز ذلك في البيتين من الدار؛ لأنه تحْصُل الخَلْوة في المدخل والمخرج من باب الدار، وفي الخان لا تحْصُل الخَلْوة.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَلاَ يَجُوزُ لَهُ بَيْعُ الدَّارِ إِلاَّ أن تَكُونَ عِدَّتُهَا بِالأَشْهُرِ فَيُخَرَّجُ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ المُكْرَاةِ لِأَنَّ آخِرَ الأَقْرَاءِ وَالْحَمْلِ مَجْهُولٌ* وَذَاتُ الأَشْهُرِ إِذَا تُوُقِّعَ طَرَيَانُ حَيْضِهَا فَفِي البَيْعِ خِلاَفٌ* فَإنْ صَحَّحْنَا فَحَاضَتْ خُرَّجَ عَلَى اخْتِلاَطِ الثَّمَارِ بِالمَبِيْعِ* وَإِنْ كَانَ المَنْزِلُ مُسْتَعَاراً أَوْ مُسْتَأْجَرَاً فعَلَى الزَّوْجِ الاِبْدَالُ عِنْدَ رُجُوعِ الْمُعِيرِ وَانْتِهَاءِ مُدَّةِ الْإِجَارَةِ* فَإنِ احْتَاجَ إِلَى الأُجْرَةِ وَأَفْلَسَ ضَارَبَتْ بِاُجْرَةِ مُدَّةِ الأَقْراء إنْ كَانَتْ مُسْتَقِيمَةَ العَادَةِ* أَوُ الأَقَلِّ إن لَمْ تَسْتَقِمْ* وَلِلْحَمْلِ إِتْمَامُ تِسْعَةِ أَشْهُرٍ وَلاَ يُنْظَرُ إِلَى الزِّيَادَةِ* وَإِنْ كَانَ الزَّوْجُ غَائِباً اسْتَقْرَضَ القَاضِيَ عَلَيْهِ* فَإِنِ اسْتَقَلَّتْ بِذَلِكَ فَفِي رُجُوعِهَا خِلاَفٌ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: فيه مسائل:
إحداها: إذا كانت تعتدُّ بالأقراء أو وضع الحمل، لم يَصِحَّ بيع الدار التي تستحق سكناها، ما لم تنْقَض العدة؛ لأن مدَّة الأقراء والحَمْل مجهولةٌ، ولو كانَتْ لها عادة مستقيمة في الأقراء (¬2) والحمل، فلا يبْعُد تغيُّر العادة، فهو كما لو باع داراً، واستثنى منفعتها مدَّة مجهولة، وإن كانَتْ تعتدُّ بالأشهر، ففي البيع طريقان:
أشهرهما، وهو المذكور في الكتاب وفي "التهذيب" واختاره السرخسيُّ: أنه على القولَيْن في بيع الدار المكراة؛ لتعلُّق حق الغير بالمنفعة مدةً معلومةً.
والثاني: القطْع بالمنع، وبه قال صاحب "الإفصاح" والفرق أن منفعة الدار المكراة للمستأجر؛ ألا ترى أنه لو مَاتَ، كانت لورثته، والمعتدَّة لا تملك منفعة الدار؛ ألا ترى أنه لو ماتَتْ كانت الدار بمنافعها للزوج، فإذا بَاعَها، كان كمن باع داراً، واستثنى منفعتها لنفسه مدةً معلومةً، والظاهر فيه البطلان، هذا إذا لم يتوقع أن يطرأ الحيض في الأشهر؛ بأن كانت المرأة آيسةً أو صغيرةً، لم تبْلُغ سنَّ احتمال الحيض، أما إذا توقع بأن كانت بنْت تسع فصاعداً، فإن قلنا: لا يجوز البيعُ هناك، فهاهنا أوْلَى، وإن جوَّزنا هناك، فهاهنا وجهان:
¬__________
(¬1) في ز: بيان.
(¬2) قال ابن الرفعة: وهذا ظاهر في الحمل، أما في الأقراء ففيه نظر لأن العادة فيها تدوم وإن اضطربت بزيادة أو نقص.

الصفحة 515