كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

بغالب عادَاتِ النِّساء، ولم نَبْنِ الأمر في بيْع المَسْكن على ذلك، بل قطَعْنا بالبطلان، إذا كانَتْ تعْتدُّ بالأقراء أو بِوَضْع الحمل، بأنا وإن أخَذْنا بالظاهر، فاحتمال الزيادة والنُّقْصان قائمٌ، وذلك يطرق الجهل إلى المبيع؛ إذْ (¬1) لا يَدْرِي. المشتري متى يستحق المنفعة، والجهالةُ تمنع صحَّة البيع، وهاهنا الجهالةُ تقع في [صحة] (¬2) القسمة، فلا تدري أن ما أخَذَه، كلُّ واحد هو قَدْرُ حِصَّته أم لا، وأنها لا تمنع صحة القسمة؛ ولذلك لو قُسِّم مال المُفْلِس بيْن غرمائه، فظَهَر غريمٌ آخرٌ، تستأنف القسمة بَلْ يرجع على كلِّ بالحصة، وإذا تضارَبَتْ بأجرةٍ مدَّة، وانقضَتِ العدَّة على وفْق تلْك المضاربة، فهَلْ يُرْجَع على المُفْلِس بالباقي (¬3) من الأجرة عنْد يَسَاره؟ حكى الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله- فيه طريقَيْنِ:
أحدهما: أنه علَى وجهين؛ بناء على أنَّ المرأة إذا لم تطالِبْ بالسكنى مدَّة، إما في النكاح أو فِي العِدَّة، هل تصير سكْنَى المدة الماضية دَيْناً في ذمته؟ وهل لها مطالَبَتُه بذلك فيه خلاف نذكره في موضعه -إن شاء الله تعالى-.
وأصحُّهما: القطْع بالرجوع، كلما في الباقي من ديون الغرماء بعْد المضاربة، وليس كصورة الوجهَيْن، فإنها طلبت الكلَّ إلا أن زحْمة الدُّيون، مُنِعَت من التوفية، ولو انقضت العدَّة قَبْل تمام المُدَّة التي بُنيت عليْها المُضَاربة، رَدَّت الفضْل على الغرماء، وفي رجُوعها على الزَّوْج المفْلِس بما تقتضيه المحاصَّة للمدة التي انقضت العدَّة فيها -الطريقان، ولو امتدَّتِ العدَّة، وزادَتْ على مدة المضاربة، ففي رجوعها بحِصَّة المدةِ الزائدةِ وجْهان:
أصحُّهما: أن لها أن ترجِع بها علَى الغرماء؛ لأنَّه يتبين استحقاقُها الزيادة، فأشْبه ما إذا ظَهَر غريم آخَرُ، ولها أن تَرْجع به عَلَى المُفْلِس إذا أيسر.
والثاني: لا ترجع على الغرماء؛ لأنا قدَّزنا حقَّها بما أعطيناها مع تجويز استحقاق الزيادة، فلا (¬4) يغير الحكم، وتخالف الغريم الذي ظَهَر، فإنَّا لم نشعر بحاله أصلاً، ويُنْسب هذا إلى النص وهو الذي صحَّحه القاضي الرُّويانيُّ في "التجربة".
والثالث: يُفَرِّق بين الحامل والتي تعْتدُّ بالأقراء، فالحامل تَرْجِع علَيْهم بالزيادة، ولا ترجع ذات الأقراء، والفَرْق أن الحمل محسوسٌ تقُوم البينة علَيْه، والأقراء لا تُعْرف إلا مِنْ قولها، فلو مكَّنَّاها من الرجوع، لم يأمن أن تدَّعِي تباعد الحيْض؛ طلباً للزيادة، وإن قلنا: لا ترجع على الغرماء، فهل ترجع على الزوْج المُفْلِس إذا أيسر؟ فيه وجهان:
أظهرهما: نعم.
¬__________
(¬1) في ز: أو.
(¬2) سقط في ز.
(¬3) في ز: الباقي.
(¬4) في أ: ولا يعتبر.

الصفحة 518