كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

والثاني: لا، وقد انفصل الأمْر بما جرى، قال الإِمام: والخِلاَفُ في أنها هل تَرْجِع على الغرماء فيما لم يصدِّقُوها أمَّا إذا صدقوها، فترجع عليهم لا مَحَالَة، قال: وفي غير صورة الإفْلاس إذا مَضَى زمان العادة، فادَّعت مزيداً وتغيُّراً في العَادة، فالذي يَدُلُّ عليه كلامُ الأصْحاب أنها تُصدَّق، وجهاً واحداً، وعلى الزوج الإسكان، والفرق أنَّا، إذا قَسَّمنا المال، وبنينا المضاربة على اْقدار معْلُومة، جرى ذلك مناقصة يعسر نقضها، وهذا المعنى لاَ يتحقَّق في حقِّ الزوج، ثم أبدى فيه احتمالاً أيضاً؛ لأنَّا، لو صدَّقناها، فربما تتمادى في دعْواها إلى سن اليأس، وفيه إجْحَاف بالزوج.
وإذا ضارَبَتْ بالأُجْرة، فتستأجر بحِصَّتها المَنْزل الذي وجبت فيه العِدَّة، فإن تَعذَّر، فيجري القُرْب على ما تقدَّم، فقال ابن الصَّبَّاغ: وتسكن حيث شاءت فيما جاوز ما أَخَذَتْ أجرته. وقوله في الكتاب "فإن احتاج إلى الأُجْرة" لو كان بدله، فإن احتيج، كان أحسن أي مَسَّت الحاجة في الواقعة إلى طَلَب الأجرة، ويدخل فيها ما إذا طلَّقها، وهو محجور علَيْه، وما إذا طلَّق المحجور أو غير المحجور زوجته، وليست هي في مسْكنه، [على ما بيَّناه، وكذلك إذا ماتَ، وليست في مسْكنه]، وعليه ديْون لا تَفِي التركةُ بها، فيضارب أيضاً بالأجرة، وقوله "بأُجْرَةِ مدَّة الأقراء، إن كانت مستقيمة العادة" يعني مدة أقرائها، ويجوز إعلامه بالواو؛ للوجه الذاهب إلى أنه تُبْنَى المضارَبَةُ على أقلِّ مدة الإمكان.
وقوله "أو الأقلِّ، إنْ لم تَسْتقم" يعني الأقلَّ من عادتها، إن كانَتْ عادتها مختلفةً، ويجوز إعلامه أيضاً، وكذا إعلام قوله "تسعة أشهر".
فرْعٌ: ولو كانَتِ المطلَّقة رجعيةً أو حاملاً، فتستحق النَّفَقة مع السُّكْنَى، وتضارب الغرماء عندي إفلاس الزَّوْج بالنفقة والسُّكْنَى جميعاً، والقول في كيفية المضاربة والرجوع (¬1) على ما مضَى، [و] (¬2) يزيد هاهنا النَّظَر إلى أن نفَقَة الحَامِل هلْ تُعَجَّل قبل الوضع، فإن قلنا: لا تُعَجَّل، فلا يدفع إليها حصة النفقة في الحال.
الرابعة: إذا كان الزوْجُ غائباً، فطلَّقها، وهي في دار بِمِلْك أو إجَارَة، اعتدَّت فيه، فإنْ لم يكن له مسْكَن، وكان له مالٌ، فيكتري الحاكم من ماله مسكناً، تعتدُّ فيه إن لم يجد من يتَطَوَّع به، وإن لم يكن له مالٌ، فيستقرض عليه، ويكتري به، فإذا رجع قضاه، فإن أذن لها، أن تستقرض علَيْه، أو تكتري المسكن من مالها، ففعلَتْ، جاز، وترجع وإن اكْتَرَتْ من مالها أو استقرضَتْ على قصْد الرجوع، ولم تستأذن الحاكم، نُظِر، إن قَدَرَت على الاستئذان، لم ترجع، وإن لم تَقْدِر، ولم تُشْهد، فكذلك، وإن أشْهَدت، فاصحُّ الوجْهَيْن الرُّجوع، وكلُّ ذلك على ما مَرَّ في مسألة "هرب الجمال" ونظائرها.
¬__________
(¬1) في ز: فالرجوع.
(¬2) سقط في ز.

الصفحة 519