كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

أو كان البائع قد استبرأها، وإذا كانت الجارية كذلك، فلو أعْتَقَها المشْتَرِي في الحَال، وأراد أن يزوِّجها من البائع أو غيره، أو أن يتزوِّجها بنَفْسِه، ففي جوازه وجْهان مذكوران في "التهذيب" وغيره.
والأصحُّ: الجواز، فعلى هذا، فمعجل الاستمتاع يمكنه أن يُعْتِقها في الحال [ويتزوجها]، ولا يحتاج إلى أن يسأل البائع تَزْويجَها أولاً، إذا كان لا يبالي بفَوَات ماليتها (¬1)، وعند أبي حنيفة -رحمه الله-: لا يُشْترط استبراء الجارية الموطوءة، ليتزوجها، وإذا أعتقها، سَقَط الاستبراء، ويُذْكَر أن هارون الرّشِيدَ -رحمه الله- طَلَب حيلة مسْقِطَةً للاستبراء، فقال أبو يوسف القاضي -رحمه الله-: أعْتِقْها ثم تزوَّجْها، ويقال إنَّه قال: مُرْ مالكها ليزوجها لبعض خدَمِك، ثم اشْتَرِها، وأشر على الزوج بطلاقها، فنَفَقَتْ سوقُه عنده.
فُرُوعٌ وفوائد: إذا تَمَّ ملكه على جارية مشتركلة بينه وبين غيره، لَزِمَه الاستبراء، وكذلك، لو أسلم في جاريةٍ وقبضها، فوجدها بغير الصفة المَشْرُوطة، فرَدَّها، يَجبُ على المُسَلَّم إليه الاستبراء.
وإذا كانت الجاريةُ المشتراةُ مَحْرَماً للمشتري أو اشترتها امرأة، فلا معنى للاستبراء؛ لأن الاستبراء أجَلٌ يُضْرب؛ لحِلِّ الوطء، ولا مجال له هاهنا، وكذا لو اشترى اثنان جارية لا معنى للاستبراء، إلا فيما يرجع إلى التزويج.
ولو ظَهَر بالجارية المشتراة حَمْلٌ، فقال البائع: إنه متى نظر إن صدقه المشتري، فالبيع باطلٌ باتفاقهما، والجارية مستولَدَةٌ للبائع، وإن كَذَّبه، نُظِر؛ إن لم يقر البائع بوطئها عند البيع، ولا قبله، لم يُقْبَل قوله، كما لو قال بعْد البيع: كنت أعتقته، لكن يحلف المشتري أنَّه لا يَعْلَم أن الحَمْل منه، وفي ثبوت نَسَبِه من البائع خِلافٌ؛ لأنه يَقْطَع إرث المشتري بالولاء، وإن كان قَدْ أقر بوطئها، فإن استبرأها، ثم بَاعَها، ثم إنْ وَلَدت لِمَا دون ستة أشهر منْ وقت استبراء المشتري،، فالولد لاحِقٌ بالبائع، والجارية مستولَدَةٌ له والبيعُ باطلٌ، وإن ولَدَت لستة أشهر أو أكثر، لم يُقْبل قوله، ولم يَلْحَقه الولد؛ لأنه، إن كان في مِلْكِه، لم يلْحَقه، ثم يُنْظر؛ إن لم يطأْها المشتري أو وطئَها، ووَلَدَتِ لِمَا دون ستة أشهر من وقْت وطئه، فالولد مملوك له، وإن ولَدَتْ لستة أشهر واْكثر من وقْت وطئه، فالولد لاَحِقٌ بالمشتري، والجاريةُ مستولدةٌ له، وإن لم يستبرئها البائعُ قَبْل البيع، فإن وَلَدتْ لأقلَّ من ستة أشْهُر مِنْ وقْت استبراء المشتري أو لأكثر، ولم يطأْها المشتري، فالولد للبائع، والبيعُ باطلٌ، وإن وطئها المشتري، وأمكن أن
¬__________
(¬1) في ز: ما لبيتها.

الصفحة 535