كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

شيخي -رحمه الله-، وقد يبْنَى الخلاف في وجوب الاستبراء هاهنا، على ما إذا انْقَضَت عدَّة الزوج، والسيِّدُ حَىٌّ، والظاهر المنصوصُ في الجديد: أنها تعود فراشاً للسيِّد، وتَحِلٌّ له مِنْ غير استبراء [وحكى قول قديم؛ أنها لا تحل له بلا استبراء]، وَوْجِّه الأول بأن الملك لم يَزُلْ، وإنما عرض ما يمنع الوطء، فأشبه ما إذا رَهَنَها، ثم انفك الرهْن.
والثاني: بأنها حُرِّمت بعقْدِ معاوضةٍ، ثم عادت إليه، فكان كما إذا بَاعَها، ثم اشتراها، فإن قلْنا: يَحِلُّ بلا استبراء، فإذا مات السيد، فعليها الاستبراء، وإن أحوجناه إلى الاستبراء، لم يلزمْ الاستبراء إذا مات؛ لأنَّها عَتَقَتْ وليست هي فراشاً له، والخِلاَفُ في حِلِّ أم الولد إذا زال حق الزوج، [كالخلاف فيما إذا زال حق الزوج] عن الأمة المزوَّجة، هل يحتاج السيد إلى الاستبراء، لكن يُشْبِهُ أن يكون الأظْهَرُ في الأمة الفتنَّة الحَاجَة، وعن البندنيجي أنه نصّ عليه، وفرق بينهما بأن فراش أمِّ الولَدِ بالنِّكاح أشبه؛ ألا تَرَى أن موْت السيد يوجب التربُّص على أمِّ الولد، ولا يوجبه على الأمة، وولد أمِّ الولد يلحقه إذا أتَتْ به بَعْد ستة أشهر مِنْ يوم اسْتِبْرَائِها، وولد الأمة لا يَلْحَقُه؟ قاله في "البحر".
ولو أعتق مستولدته أو مات عنها، وهي في عدة [وطء] شبهة، فهل يلزمها الاستبراء؟ فيه وجهان؛ تفريعاً على المنصوص فيما إذا كانَتْ في عدَّة زوْج:
أحدهما: أنه لا يلزم أيضاً، وإليه مال في "التهذيب".
وأشهرهما: الوجُوب، ويوجه بأن عدَّة الشبهة لا تَقْوَى على رفْع الاستبراء الَّذي هو في مُقْتَضَى الإعتاق، وبانها لم تَصِرْ فراشاً لغير السيد، وهناك صارَتْ فراشاً للزوج.
الثالثة: لو أعتق مستولَدَتَه، وأراد أن يَنْكِحَها قَبْل تمام الاستبراء، ففيه وجْهان، حكاهما الإِمام وغيره -[رحمهما الله]-.
أصحُّهما: الجواز، كما يجوز للرجُل أن ينكح مُعْتَدَّته عن النكاح أو وطء الشبهة.
والثاني: المنع؛ لأن الإعتاق يَقْتَضِي الاستبراء، فلا يُمكن من استباحة مفتتحة إلا بعد رعاية حقِّ التعبد، وقَرُب هذا الخلاف مِنْ الخلاف في أنَّه إذا أعْتَقَ مستولدته بعْد الاستبراء، يجوز تزويجها في الحَالِ، [أو] لا بُدَّ مِنْ استبراء آخر قضية الإعتاق.
وأما لفظ الكتاب، فقوله "زوال الفراش عن الأمة الموطوءة" التعرُّض للفراش يُغْني عن ذكر الوطء (¬1)، فإنَّ الأمة لا تكون فراشاً إلا بالوطء، وقوله "بِقُرْءٍ واحِدٍ" مُعْلَم بالحاء، وكذا قوله "فعليه الاستبراء بحيضة" ثم لا يخفى أن الحيضة إنما تُعْتَبر في ذَاتِ
¬__________
(¬1) في ز: الواطئ.

الصفحة 539