كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

وقوله "وَشَرِبَ (¬1) بَعْضَهُ لَمْ يُؤَثِّرُ" يجوز أن يُعْلَم الواو.
وقوله "فَلاَ يَحْسُن اعْتِبَارُ القلتين من غير الماء" يعني أن الفرق بين القلَّتَيْن وما دون القلتين يختص بالماء، وأمَّا سائر الممائعات، فكثيرها وقليلها سواءٌ.
فَرْعٌ: لو وقَعَت من اللَّبَن في فم الصَّبيِّ، واختلط بريقه ثم وَصَل إلى جَوْفه، فطريقان.
أحدهما: أنَّه يُنْظَر إلى كونه غالباً أو مغلوباً، على ما ذكرنا.
والثاني: أنَّه يقطع بثبوت (¬2) التحريم، ولا يُنْظَر إلى الامتزاج بالرِّيق كما لا يُنْظَر إلى الامتزاج برطوبات المَعِدة.
آخر: إذا اختلط لَبَن امرأة بلَبَن أخرى، وغلب أحدهما، فإن علَّقنا الحرمة بالمغلوب ثبتت الحرمة فيهما، إلا اختصت بالَّتي غَلَبَ لبنها.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (الثَّالِثُ: المَحَلُّ) وَهُوَ مَعِدَةُ الصَّبِيِّ الحَيِّ فَلاَ أَثَرَ لِلإِيصَالِ إِلَى مَعِدَةِ المَيِّتِ وَلاَ إِلَى جَوْفِ الكَبِيرِ أَعْنِي بَعْدَ الحَوْلَيْنِ* وَأَمَّا الحُقْنَةُ وَالسَّعُوطُ وَالتَّقْطِيرُ فِي الإِحْلِيلِ وَالجِرَاحَةِ فَحَيْثُ لاَ تَحْرِيمَ* وَحَيْثُ يَحْصُلُ الإِفْطَارُ نَفِيهِ قَوْلاَنِ* وَأَوْلاَهُمَا بِالتَّحْرِيمِ السَّعُوطُ لاِتِّصَالِ الدِّمَاغِ بِالمَعِدَةِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: تكلَّمنَا فيمن ينفصل مِنْه اللبن، وفي اللبن المتوسِّط، وأما الركن الثالث فهو المَحَلُّ الذي يتَّصل به اللبن، قال في الكتاب: "وهُوَ مَعِدةُ الصبيِّ الحَيِّ"، وهذه ثلاثة ألفاظ:
أحدهما: المعدة، والوُصُولُ إلَيْها تثبت الحرمة، سواءٌ ارتضع الصبيُّ أو اتصل اللبن بفِعْل غيره، وعن أحمدَ روايةُ أنَّه لا تَثْبُت الحرمة بالوجود، ولو صُبَّ في أنفه حتى وَصَل إلى دماغه، وهو السَّعُوط، ففيه طريقان:
أحدهما: أن في ثبوت الحرمةِ قولَيْن، كما سنذكر في الحُقْنة.
وأصحُّهما": القطع بثبوتها؛ لأن الدماغ جوفُ التغذي، كالمعدةِ، والأدهانُ الطيبَّةُ إذا حصَلَت في الدماغ، انتشرت في العروق، وتغَذَّت بها، كالأطعمة الحاصلة في
¬__________
(¬1) في ز: فشرب.
(¬2) قال في الخادم: والراجح الطريقة الثانية فقد قال الإِمام: إنه الذي ذهب إليه جماهير الأصحاب إلحاقاً للريق بالرطوبات في المعدة.
قال: ومن أصحابنا من جعل الريق من حيث إنه في محل ملحق بالظاهر.

الصفحة 559