كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

قال: "لاَ رَضَاعَ إِلاَّ مَا كَانَ في الحَوْلَيْنِ"، ولقوله تعالى: {وَالْوَالِدَاتُ يُرْضِعْنَ أَوْلَادَهُنَّ حَوْلَيْنِ كَامِلَيْنِ لِمَنْ أَرَادَ أَنْ يُتِمَّ الرَّضَاعَةَ} [البقرة: 233] جعل تمام الرَّضَاع في الحولَيْن، فأَشْعر بأن الحكم بعْد الحولين بخلافه، وعنْد أبي حنيفة: مدَّة الرضاع ثلاثون شهراً، وعن مالك روايات: أحداها: كمذهبنا، والثانية: حولان وشهر، والثالثة: حولان وشهران، والرابعة: تَثْبُت الحرمة، ما دام محتاجاً إلى اللَّبن غير مستغنٍ عنْه بالطعام، ويعْتبر الحولان بالأهلَّة، فإن انكسر الشهر الأول، اعتد ثلاثة وعشْرين شهراً بالأهلَّة، ويكمل المنكسر بالعَدَد عن الشَّهْر الخامس والعشرين، وقد سَبَق نظيره في مَوَاضِع، والقياسُ: أن يُحْسَب ابتداء الحولَيْن مِنْ وقت انفصال الولد بتمامه (¬1)، وقال في "البحر": لو خرج نصْفُ الولد ثم بَعْدَ مدة، خرج البَاقِي، فابتداء الحولَيْن في الرضاع عنْد ابتداء خروجه، هذا لَفْظُه، وحكى القاضي ابن كج وجهَيْن فيه، وحكى وجهَيْن أيضاً فيما لو ارتضع قَبْل أن ينفصل جميعُهُ، هل تتعلَّق به الحرمة؟.
الثالث: الحيُّ؛ فلا أثر للوصول إلى معدة الميِّت؛ لخروجه عن التغذِّي ونبات اللحم.
قَالَ الغَزَالِيُّ: وَشَرْطُ الرَّضَاعِ العَدَدُ (ح م و) وَهُوَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ* وَيَحْصُلُ التَّعْدِيدُ بِتَخَلُّلِ فَصْل بَيْنَ الرَّضَعَاتِ* وَلاَ يَحْصُلُ بَأَنْ يَلْفِظَ الصَّبِيُّ الثَّدْيَ أَوْ يَتَحَوَّلَ إِلَى الثَّانِي أَوْ يَلْهُوَ لَحْظَةً* بَلْ مَا يُعَدُّ في العُرْفِ وَالتَّمْيِيزِ رَضْعَتَيْنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: حرمة الرَّضَاع لا تَثْبت بأقلَّ من خمس رضَعَات (¬2)؛ لِمَا رُوِيَ عن
¬__________
= يغلط، ورواه سعيد بن منصور عن ابن عيينة فوقفه، وقال البيهقي: الصحيح موقوف، وروى البيهقي [7/ 462] عن عمر وابن مسعود التحديد بالحولين، قال: ورويناه عن سعيد بن المسيب وعروة والشعبي، ويحتج له بحديث فاطمة بنت المنذر عن أم سلمة: لا يحرم من الرضاع إلا ما فتق الأمعاء وكان قبل الفطام.
(¬1) قال الأذرعي: وفي البسيط قال الشَّافعي: حولاً من وقت الولادة. انتهى ولم أر هذا النص في كلام الشَّافعي والأصحاب.
وقال الروياني: لو خرج نصف الولد ثم بعد مدة خرج باقيه فابتداء الحولين في الرضاع عند ابتداء خروجه، وحكى ابن كج فيه وجهين وحكى وجهين فيما لو ارتضع قبل انفصال جميعه هل يتعلق به التحريم. انتهى وأخذ ذلك من الروضة. قال الأذرعي: والأشبه أنه إذا ارتضع قبل تمام انفصاله أن يتعلق به التحريم لوجود الرضاعة حقيقة وأن يكون ابتداء المدة من حين ارتضع قبل تمام انفصاله إلا لزم أنه لو بقي مدة لم ينفصل وهو يرضع أو يسقى لبن أمه أن يكون مدة الرضاع عندنا أكثر من حولين، ولا قائل به منا وما ذكراه عن الروياني هو ما أورده العمراني وغيره حكاية عن الصيمري وهو الجواب في المعتمد إلى آخر ما ذكره.
(¬2) أخرجه مسلم (1452) من حديثها.

الصفحة 561