كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

أصحُّهما: أنَّها خمس دفعات في الطرفَيْن، وبهذا قال أكثر الأصحاب وابن سُرَيْج وأبو إسحاق وابن أبي هريرة.
والثاني: أن فيها قولين أيضاً؛ لأنه بالخَلْط، صار كالمَحْلُوب دفعةً واحدةً؛ وإن لم يُخْلَط، فلا خلاف أنَّها خمْسُ رضعات، ولو حلب خمس نسوة في إناء واحد وأوجر الصبي دفعةً واحدةً، حصَلَت من كل واحدةٍ رضعةً، وإن أوجر في خمس دفعاتٍ، فقد حُكِيَ فيه وجهان، والذي أورده القاضي الرُّويانيُّ -رحمه الله- منْهما بثُبوتُ الحرمة (¬1)، فإذا عرفت ما ذكرنا، أعْلَمْت قوله في الكتاب "فشَرْطُ الرَّضَاعِ العَدَدُ" بالحاء، والميم، والألف والواو، وقوله "وهو خمس رضعات" بالواو.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (فَرْعٌ) لَوْ شَكَكْنَا فِي العَدَدِ فَلاَ تَحْرِيمَ* وإنْ شَكَكْنَا فِي وُقُوعِهِ بَعْدَ الحَوْلَيْنِ فَقَدْ تَقَابَلَ أَصْلاَنِ وَهُوَ بَقَاءُ المُدَّةِ وَعَدَمُ التَّحْرِيمِ* لَكِنَّ الأَصَحَّ أنَّهُ لاَ تَحْرِيمَ إِلا بِيَقِينٍ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: إذا وقع الشكُّ في أنها أرضعَتْه خمْسَ رضَعات أو أقلَّ، لم تثبت الحرمة بالشَّكِّ، وطريق الوَرَع لا يَخْفَى، وكذا لو وَقَع الشكُّ في أنه هلْ وصل اللَّبَن في بعْض المرَّات إلى جوْفه، ولو وقع الشك في أنَّها أرضعته الخمس في الحولَيْن أو أرضعَتْه بعْض المرات بعْد الحولَيْن، فقد ذُكِرَ فيه قولان أو وجهان؛ لأنه تَقابَلَ أصْلان، فالأصل بقاء مدة الحولَيْن، والأصْل عدَمُ التَّحريم، والأصحُّ أنه لا يثْبُت التحريم، حتى يحصل اليقين، وُيسْتصحب أصْل الحِلِّ، كما أن الشك في انقضاء مدة المَسْح يأخذ بالأصل، وهو غَسْل الرِّجْلَيْن، ويُحْكى وجْه التحريم عن الصَّيْمري.
قَالَ الغَزَالِيُّ: (قَاعِدَةٌ) لَوْ كَانَ لِلرَّجُلِ خَمْسُ مُسْتَوْلَدَاتٍ أَوْ أَرْبَعُ نِسْوَةٍ وَمُسْتَوْلَدَةٌ فَأَرْضَعَتْ كُلُّ وَاحِدَةٍ بِلِبَانِهِ مَرَّةً لَمْ يُحَرَّمِ المُرْتَضعُ عَلَيْهِنَّ* وَيُحَرَّمُ عَلَى الفَحْلِ (و) لأَنَّهُ اجْتَمَعَ العَدَدُ فِي حَقِّهِ وَهُوَ لَيْسَ تَابِعاً لِلأُمِّ هَذَا أَصَحُّ الوَجْهَيْنِ* وَلَوْ كَانَ بَدَلَهُنَّ خَمْسُ بَنَاتٍ فَوَجْهَانِ مُرَتَّبَانِ وَأَوْلِىَ بِأنْ لاَ يَحْصُلَ* وَالأَخَوَاتُ كَالبَنَاتِ وَلَوْ كُنَّ مُخْتَلِفَاتٍ كَأُمٍّ وَبِنْتٍ وَأُخْتٍ وَزَوْجَةٍ وَجَدَّةٍ فَالظَّاهِرُ أنَّهُ لاَ يُحَرَّمُ إِذْ لاَ تَحْصُل مِنْ مَجْمُوعِهَا قَرَابَةٌ وَاحِدَةٌ* وَلَوْ أَرْضَعَ خَمْس مُسْتَوْلَدَاتٍ عَلَى التَّوَالِي فَهِيَ خَمْسُ رَضَعَاتٍ عَلَى أَحَدِ الوَجْهَيْنِ لِتَعَدُّدِ المُرْضِعِ* وَقِيلَ: تَعَدُّدُ المُرْضِعَةِ كتَعَدُّدِ الثَّدْيِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: الأصل الذي تتعلَّق به صورة القاعدة، وقد صرَّح به في الكتاب من
¬__________
(¬1) عبارة الروضة: حسب من كل واحدة رضعة على الأصح وقيل: خمس رضعات.

الصفحة 569