كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

الله- يحرم المرضعات على الرضيع، لا لكونهن أمهاتٍ، ولكن لكون البنات أخواتٍ له وكون الأخوان عماتٍ، إذا كان الرجل أباً، والحرمة هاهنا لو ثَبَتَتْ، إنَّما تثبت من جهة كونه جداً لأم أو خالاً، وفيه وضع بعْضُهم الخلاَفَ صريحاً؛ فقال: في صيرورة الرجل جدَّ الأم أو خالاً وجْهان، وإذا كانت الحرمة بهَذِهِ الجهةِ، فينبغي أن يقال: إنَّهنَّ يَحْرُمْنَ؛ لكونهم كالخالاتِ؛ وذلك لأنَّ بنْتَ الجَدِّ للأم، إذا لم تَكُنْ أمّاً، كانت خالةً، وكذلك أخت الخال، والله أعلم.
الثالثة: لو كان للرجل أمٌّ وبنتٌ وأختٌ وبنتُ أخٍ من أب وبنت أخت من الأب مراضع، أرضعت كلُّ واحدة منْهن صغيراً رضعةً، إن قلنا: لا يثبت التحريم في الصورة الثانية، فهاهنا (¬1) أَوْلَى، وإن أثبتاه، فهاهنا وجهان:
أصحُّهما: المنع، والفرق أن هناك يمكن نسبة الرضيع إلَيْه بكونه [ابن ابن] [نافلةً له] ونسبته إلى الرضيع بكونه جدًّا، وهاهنا لا يمكن لاختلاف الجِهَات، ولا يجوز أن يكون بَعْض الرضيع أخاً وبعضه ولد بنت.
والثاني: وبه قال صاحب "التلخيص"، أنه تثبت الحرمة؛ لأن الواحدة منهن، لو انفردت بخمس رضعات، لئبتت الحرمة بينه وبين الرضيع، وإرضاع الخمس كالرضعات الخمس من واحدة، وعلى هذا، فتحرم المرضعات على الرضيع، لا لأنهن أمهاتٌ، ولكن بجهات مختلفة فأما الرجل كأنها زوجة أبيه؛ لأن لبنها (¬2) من أبي [الرجل و] (¬3) الرضيع بمثابَةِ ولدِهِ، وبنت الرجل بنْت ابن أبيه فتكون بنت أخيه، وأخت الرجل بنْت أبيه، فتكون أخته وبنت أخي الرجل بنْت ابن أبيه [فتكون بنت أخيه] وبنت أخت الرجل بنت أخيه أيضاً، ولو كان بدل هؤلاء المرضعات زوجةٌ أو جدَّةٌ، كان الحكم كما ذكرنا، وفيه صُوَر صاحبِ الكتاب، ولو أرضعتْ كلُّ واحدةٍ من هؤلاء صغيرةً في نكاح الرجُل رضعةً واحدةً، فانفساخ النكاح على الوجهَيْن، وإذا قلْنا بالانفساخ، فإن أرضعْنَ على الترتيب، غُرِّمت الأخيرة للزوج، وإن أرضعْنَ معاً، اشتركن فيه، فإن اختلفَ عدَدُ الرضعات؛ بأن كن ثلاثاً، فأرضعتْ واحدةٌ رضعتين، والثانية كذلك، والثالثة رضعة، فيُغَرَّمن أثلاثاً على عدد الرؤوس، أو أخماساً على عدد الرضعات، فيه وجهان، وجميع ما ذكَرْنا في هذه الصور فيما إذا أرضعَتِ النسوة الخمْس في أوقات متفرقة، أمَّا إذا أرضعْنَ على التواصل والتوالي، وحكمنا بثبوت الحُرْمة لو انفردت الأوقات فههنا وجهان:
¬__________
(¬1) في ز: فيهما.
(¬2) في ز: أبيها.
(¬3) سقط في. ز.

الصفحة 572