كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

وتَحْرُم عليهما على التأبيد؛ لأن الأوَّلَ صار ابناً للثاني فهي زوجةُ ابنِ الثانِي، وزوجة أبي الأول، ولو جاءت زوجةٌ أخرى للثاني، وأرضعت الأول بلبان الثاني يَنْفَسِخ نكاحُ الزوجةِ الَّتي كانَتْ زوجةَ الصَّغير، ولو زوج مستولدته من عبْده الصغير, فأرضعته بلبان السيد، حُرِّمت على السيد والصغير معاً، وانفسخ نكاح الصغير, أمَّا حرمتها على الأوَّل فلأنها زوجةُ ابنه، وأما على الصغير؛ فلأنها موطوءة أبيه، وحكى ابن الحدَّاد أن المزنيَّ رَوَى عن الشَّافعي -رضي الله عنه- في مسائله: أنها لا تَحْرُم على السيد، وأنه أنْكَرَ ذلك على الشَّافعيِّ -رضي الله عنه- وعلى ذلك جرى ابن الحدَّاد والأصحاب -رحمهم الله-[فجعلوا الرواية غَلَطاً، قال الشيخ أبو عليٍّ] (¬1): ولكن يُمْكن تخريجُ ما نُقِلَ على قولٍ في أن العبْد الصغيرَ لا يَجُوز إجباره على النِّكاح، أو عَلَى قولٍ في أُمِّ الولد أنه لا يجوز تزويجها بحالٍ، أو على وجْهٍ ذَكَرَ أنه لا يجوز للسيد أن يُزَوِّج أمته من عبْده بِحَالٍ، فإنَّا إذا لم نصحح النكاح على أحَدِ هذه الأوْجُه، لم تكن هي زوجةَ الابْنِ، فلا تحرم على السَّيِّد، ومهما أمْكَنَ تخريج المنقول على تنزيلاتٍ صحيحةٍ، لم يجز الحمل على الغَلَط المُطْلَق، ولو أرضعَتْه بلِبان غَيْر السيد، انفسخ النكاح؛ لكونها أُمَّاً له، ولكنْ لا تَحْرُم على السيد؛ لأن الصغيرَ لم يَصِرِ ابْناً له، فلا تكون هي زوجة الابن، وكذلك لو أرضعَتِ المطلَّقة الصغيرَ الَّذي نكحته بغَيْر لبن الزوج، ينفسخ النكاح، ولا تَحْرم هي على المطلِّق، ولو كانت تَحْتَه صغيرةٌ، فأرضعتها أَمَةٌ له، قد وَطِئَها بلَبَنِ غيره، بَطَل نكاح الصغيرة، وحُرِّمَتا على التَّأْبيد، أمَّا الأمة، فلأنَّها أُمُّ زوجته، وأَمَّا الصغِيرةُ، فلأنها ربيبة موطوءة، ولو كان تحْت زَيْد كبيرةٌ، وتحت عمرو صغيرة، فطَلَّق كلُّ واحدٍ منهما زوجَتَه، ونكح زوجةَ الآخَرِ، ثم أرضعَتِ الكبيرةُ الصغيرةَ، واللبَنُ من غيرهما، فتَحْرُم الكبيرةُ عليهما على التَّأْبِيد، وينفسخ نكاحُها؛ لأنها أمُّ الصغيرة، وقد كانَتِ الزوجةُ الصغيرةُ زوجةً لكلِّ واحدٍ منهما، وأما الصغيرةُ، فهِيَ بنْتُ زوْجَة كلِّ واحدٍ منهما، فإن كانا قَدْ دَخَلا بالكبيرةِ، فالصغيرةُ محرَّمةٌ عليهما على التأبِيد، وينفسخ نكاحُها أيضاً، وإن لم يَدْخُل [بها] واحدٌ منهما، لم تَحْرُم عليهما, ولم ينفسخ نكاحُها، وكذا لو لم يدخل زيد بها، حين كانت في نكاحِهِ، لا تحرم عليه الصغيرة، ولا ينفسخ نكاحُهَا، وإذا انفسخ نكاحها، فعلى زوجِها نصْف المُسَمَّى، ويرجع بالعزم على الكبيرة، ولا يجِبُ للكبيرة شيْءٌ على زوْجها، إن لم يكن مدخولاً بها؛ لأن الانفساخ جَاءَ مِنْ قِبَلِها, ولو كانَتْ تَحْت زَيْدٍ كبيرة وصغيرة، فطلَّقها فنكحها عمرو، ثم أرضعت الكبيرةُ الصَّغِيرةَ، فحُكْمَ تحريمها عليهما على ما فصَّلناه، وَيَنْفَسِخ نكاحها إذا أرضعت الكبيرة الصغيرةَ وإن لم يدْخُل عمرو بالكبيرة؛ لاجتماع الأمِّ والبِنْتِ في نكاحٍ واحدٍ.
¬__________
(¬1) سقط من: أ.

الصفحة 589