كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

ويجب أربعةُ أخماسِهِ وهو خُمْسَا الكُلِّ، وأن يقال: يسقط أربعة أخماس من نصْف مهْر الكبيرة، ويجب خُمْسُهُ، ولو كانت الكبيرةُ أَمَةً قد نَكَحَها، فأرضَعَتِ الصغيرةَ، تعلَّقَ الغُرْمُ برَقَبَتَها؛ لأنَّ ذلك كجناية منْها على نفْسٍ أو مال، فإن لم يسلِّمْها سيِّدُها لِلبَيْع، واختار الفداءَ، فَدَاها بالأقلِّ من قيمتها، وقدر الغرم في أظهر القولَيْن، وبقدر الغرم في الثاني، وإن أرضَعَتِ الصغيرةَ أمتُه أو أمُّ وَلَدِهِ، فلا غرم عليها للزوج؛ لأن السيد لا يستحق على مملوكه مالاً، ولو كانَتْ أمته أو أُمُّ وَلَدِهِ [مكاتبة] فأرضعته المكاتَبَةُ الصغيرةُ، فعليها للسيد الغُرْم فإن عَجَّزها، سَقَطت المطالبة بالغُرْم، كما في تعجيز النجوم تسقط النجوم، قال الشيخ أبو عليٍّ -رحمه الله- له خَمْسُ أمهات أولاد كاتبهن فأرضعت كلُّ واحدةٍ منْهنَّ زوجته -الصغيرةَ رضْعةً، صارَتِ الصغيرةُ بنتاً له على ظاهر المَذْهَب وانفسخ نكاحُها, وله الرجُوعُ عليهن بالغرم إن أُرْضَعْنَ معاً، وإن أرضَعْنَ على التعاقب، فجمع الغرم على الخامسة, ويُمْكن أن يجيْء فيه خلافٌ، ويحال التحريم على الرضعات كلِّها وحينئذ يكُونُ الحكم كما لو أرْضَعْنَ مَعاً، والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الثَّانِي: لَوْ كَانَ مَعَ الكَبِيرَةِ ثَلاثُ صَغَائِرَ فَأَوْجَرَتَهُنَّ لَبَنَهَا المَحْلُوبَ فِي دَفْعَةٍ وَاحِدَةٍ انْدَفَعَ نِكَاحُ الصَّغَائِرِ لأُخُوَّةِ بَيْنَهُنَّ وَللاجْتِمَاعِ مَعَ الأُمِّ، وَلَهُ تَجْدِيدُ نِكَاحِهِنَّ سِوَى الكبِيرَةِ، فَإِنْ كانَ بِلِبَانِهِ حُرِّمْنَ عَلَى التَّأْبِيدِ، وَلَوْ أَرْضَعَتِ الأوُلَيَيْنِ مَعَاً ثُمَّ الثَّالِثَةَ لانفَسَخَ نِكَاحَهَا مَعَ المُرْتَضِعَتَيْنِ الأُوَلَيَيْنِ وَلَمْ يَنْفَسِخ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ فَإِنَّهَا أَرْضَعَتْ بَعْدَ انْدِفَاعِ نِكَاحِ أُمِّهَا فَأُخْتَيْهَا، وَلَوْ أَرْضَعَتِ الجَمِيعَ عَلَى التَّوَالِي انْدَفَعَ نِكَاحُ الكبِيرَةِ مَعَ الأُولَى وَلَمْ يَنفَسِخْ نِكَاحُ الثَّانِيَةِ في الحَالِ وَينْفَسِخُ نِكَاحُ الثَّالِثَةِ فَقَد أَرْضَعَتهَا وَتَحْتَهُ الثَّانِيَةُ، وَهَل يَخْتَصُّ الانْدِفَاعُ بِالثَّالِثَةِ، أَمْ يُقَالُ: هِيَ وَإِنْ كانَتْ أَخِيرَةً وَسَبَبَاً لِلاجْتِمَاعِ فَلَيْسَتْ بِأَوْلَى مِنَ الثَّانِيَةِ فَيَنْدَفِعَانِ؟ فِيهِ قَوْلاَنِ، وَكَذَا لَوْ أَرْضَعَتْ أَجْنَبِيَّةَ صَغِيرَتَيْن تَحْتَ زَوجٍ عَلى التَّوَالِي انْدَفَعَتِ الثَّانِيَةُ وَفِي الأُولَى القَوْلاَنِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: تحْتَهُ كبيرةٌ وثلاثُ صغائِرَ فأرضعتِ الكبيرةُ الصغائرَ خَمْسَاً خمساً، نُظِر؛ إن كانا للبن منْه أو كانَتِ الكييرةُ مدْخولاً بها، انفسخ نكاحُهُنَّ جميعاً، وحُرِّمِنْ عَلَى التأبِيد، سواءٌ أرضعَتْهُنَّ معاً أو على التعاقُبِ؛ لأنَّ الكبيرةَ أمُّ زوجَاتِه، والصغائر بَنَاتُه أو ربائبُ زوجته المَدْخُولِ بها، وعليه المسمى للكبيرة، ونصف المسمَّى لكل صغيرةٍ وعلى الكبيرةِ الغُرْمُ، وإن لم يكن اللبنَ منْهُ، ولا كانت الكبيرةُ مدخولاً بها، فيُنْظر، إن أرضعَتْهن معاً بأن أوجرتهن معاً الرضعة الخامسة مِنْ لبنها المحلوب، أو ألقمت اثنتين ثدييها وأوجرت الثالثة من لبنها المحلُوبِ، فينفسخ نكاحُهُنَّ جمَيعاً؛ لصيرورتهن أخواتٍ، ولاجتماعهن مع الأم في النِّكَاح، وتحْرُم الكبيرة على التأبيد؛

الصفحة 591