كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 9)

لأنها أمُّ زوجاته، ولا تحرم الصغائر ولأنهن بناتُ امرأةٍ لم يدخل بها، فله أن يجدِّد نكاح واحدةٍ منهن، ولا يَجْمَع بين اثنتين لأنهن أخوات، وإن أرضعتهن على ترتيب فتَحْرُم الكبيرة على التأبيد أيضاً، ولا تَحْرُم الصغائر على التأبيد؛ ثم للترتيب أحوالٌ:
إحداها: أن تُرْضِع اثنتين معاً ثم الثالثةَ، فينفسخ نكاح الأوليين مع الكبيرة؛ لثبوت الأُخُوَّة بينهما, ولاجتماعهما مع الأم في النكاح، ولا ينفسخ نكاح الثالثة؛ لانفرادها، ووقوع إرضاعها بعْد اندفاع نكاح أُمِّها وأُخْتها.
والثانية: أن يرضع واحدةٌ أولاً ثم ائنتين معاً، فينفسخ نكاح الكلِّ، أما نكاحُ الأُولَى مع الكبيرة؛ فلاجتماع الأمِّ والبنت في النكاح، وأما الأخريان فلأنهما صارتا أُخْتَيْن معاً.
والثالثة: أن ترضع جميعَهُنَّ على التعاقُب، فينفسخ نكاح الأُولَى مع الأُمِّ؛ لِمَا ذكرنا, ولا ينفسخ نِكَاحُ الثانية، إذا أرضعَتْها؛ لأنها ليست مُحَرَّمةً، ولم تجتمع معها أمٌّ ولا أخْتٌ، فإذا أرضعت الثالثةَ، انفسخ نكاحُها؛ لأنها صارَتْ أختاً للثانية الَّتي هي في نكاحه، وهل ينفسخ معَها نِكَاحُ الثانية أم يختص الانفساخ بنكاح الثالثة؟ فيه قولان:
أحدهما: أنَّه ينفسخ نكاح الثانية أيضاً؛ لأنهما صارتا أختين معاً، فأشبه ما إذا أرضعْتهما معاً، وأيضاً، فلو أرضعت زوجَتُهُ [الكبيرة زوجَتَهُ] (¬1) الصغيرةَ، انفسخ نكاحُها؛ لصيرورتهما أماً وبنتاً [معاً] فكذلك هاهنا.
والثاني: أن الانفساخ يختص بنكاح الثالثة؛ لأن الجمع تَمَّ بإرضاعها، فاختص الفسادُ بها، كما لو نكح أُختاً على أخْتٍ يختص نكاح الثانية بالفَسَاد؛ لأنَّ الجَمْع حَصَل بنكاحِها، وهذا القول ينسب إلى الجديد، وفي تعليق الشيخ أبي حامِدٍ ترجيحه، والأول القديم، وهو الصَّحِيحُ عنْد أكثر الأصحاب، وبه قال أبو حنيفة وأحمد، واختاره المزنيُّ؛ وعلى هذا، فالمسألة من المسائل التي يُرَجَّح فيها القديم، واحتج بعضهم للقول الذاهب إلى اندفاع نكاحهما جميعاً؛ [بأنه إذا كان تحته كبيرةٌ وصغيرةٌ، فارضَعَتْ أُمُّ الكبيرةِ الصغيرةَ، ينفسخ نكاحهما جميعاً] (¬2) ومنهم من طرد فيها القولَيْن، وهو الأشبه [فينفسخ نكاح الصغيرة وتكون الكبيرة على القولين] وبه قال القاضي أبو الطيب، ولو كان تحته صغيرتان، وأرضعتهما أجنبيةٌ، نُظِرَ، إن أرضعتهما معاً، انفسخ نكاحهما، لأنهما صارتا أختين معاً، وحُرِّمت الأجنبية على التأبيد؛ لأنها صارَتْ مِنْ أمهات نسائهِ، وله نكاح واحدةٍ من الصغيرتين، ولا يجمع بينهما, ولو أرضعتهما على التعاقب، لم ينفسخ نكاحُ الأُولَى بإرضاعها، فإذا أرضعَتِ الثانية، انفسخ نكاحها لأنها صارت أختاً
¬__________
(¬1) سقط من: أ.
(¬2) سقط من: أ.

الصفحة 592