كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

وعلى الوجه الآخر: لا يلزمه إلا ما يزاد للشتاء، حتى يَبْلَى ما عندها.
ومنها: أن له أن يأخذ المدفوع إليها ويعطيها غيره على وجْه الإمتاع، ولا يجوز على وجْه التمليك إلا برضاها ما لو ألبسها ثياباً مستعارةً أو مستأجرة، لم يجُزْ على وجْه التمليك، ولَها أن لا تَرْضَى بها، ويجوز على وجْة الإمتاع، فلو تَلِفَ المستعارُ، فالضمان على الزوج.
ومنها: لا يَصِحُّ منْها بيْعُ المأخوذ على وجْه الإمتاع، ويصحُّ على وجْه التمليك كما في القوت والأَدْم؛ وعلى هذا، فعن أبي إسحاق: أن لها أن تلبس ما دون المأخوذ، كما في النفقَة، والظَّاهِر المنع؛ لما للزوج من غرض التزيُّن (¬1) والتجَمُّل، والله أعلم.
قَالَ رَحِمَهُ اللهُ:

البَابُ الثَّانِي فِي مُسْقِطَاتِ النَّفَقَةِ
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَتَجِبُ النَّفَقَةُ بِالعَقْدِ بِشَرْطِ عَدَمِ النُّشُوزِ، وَعَلَى قَوْلٍ تَجِبُ بِالتَّمْكِين، فَعَلَى هَذَا لَوْ تَنَازَعَا فِي النُّشُوزِ فَعَلَيْهَا بَيِّنَةُ التَّمْكِينِ، وَعَلَى القَوْلِ الأَوَّلِ عَلَيْهِ بَيِّنَةُ النُّشُوزِ، وَتَسْتَحِقُّ الَّتِي لَمْ تُزَفَّ عَلَى القَوْلِ الأَوَّلِ إِذَا كَانَتْ سَاكِنَةً إِذْ لاَ نُشُوزَ، وَلاَ تَسْتَحِقُّ عَلَى الثَّاني إِذْ لاَ تَمْكِينَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: مقدِّمة الباب أنَّ النفقة تَجِبُ بالعَقْدِ أو بالتمكين.
اعلم أن الشيْءَ قد يَثْبُت في الذِّمَّة ويتأخَّر وجوب تسليمه كالدَّيْن المؤجَّل، ولا خلاف في أن وقْت وجوبِ التَّسْليم في النفقة صبيحةُ كلِّ يوم، وفي الكُسْوة أول كُلُّ صيف وشتاء على ما مَرَّ، وذلك بعد حصول التمكين.
وأما وقْت ثبوتها في الذِّمَّة فلا شك أن للنفقة تعلُّقاً بالعقد والتمكين جميعاً، فإنها لا تجب قبل العقد، ولو نشزت بعد العقد، لم تُطَالِبْ بالنفقة، واختلف القول في أنها بم تَجِبُ؟ فالقديم أنها تجب بالعَقْد، كالمَهْر، ولا تجبُ بالتمكين؛ بدليل وجوبها للمريضة والرتقاء، لكن لو نَشَزَتْ، سقَطَتِ النفقة، فالعقد مُثْبِت، والنشوزُ مُسْقِطٌ، فإذا حصل التمكين، استقر الواجب يوماً فيوماً، كالأجرة المعجَّلة، إلا أن الأجرة يَجِبُ
¬__________
(¬1) نقل الشيخ في المهذب عن الماوردي تفصيلاً في المسألة فقال: إن أرادت بيعها بما دونها في الحال لم يجز لأن للزوج حقاً في جمالها وعليه ضرر في نقصانه ونازعه صاحب الوافي بأن صاحب الحاوي لم يضفه إلى نفسه.

الصفحة 26