كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

بِسْمِ اللهِ الرَّحْمَنِ الرَّحِيمِ

كِتَابُ النَّفقَاتِ
وَأَسْبَابُهَا ثَلاَثَةٌ: النِّكَاحُ وَالقَرَابَةُ وَالمِلْكُ، السَّبَبُ الأَوَّلُ النِّكَاحُ، وَفِيهِ ثَلاثَةُ أَبْوَابٍ.
البَابُ الأَوَّلُ فِي قَدْرِ النَّفَقَةِ وَكَيْفِيَّتِهَا، وَفِيهِ فَصْلاَن
قَالَ الْغَزَالِيُّ: الفَصْلُ الأَوَّلُ فِي وَاجِبَاتِ النفَقَةِ وَهِيَ سِتَّةٌ: الوَاجِبُ الأَوَّلُ الطَّعَامُ وَهُوَ مُدُّ (ح م و) عَلَى المُعْسِرِ، وَمُدَّان (ح م و) عَلَى المُوسِرِ، وَمُدٌّ وَنِصْفٌ (ح م و) عَلَى المُتَوَسِّطِ، وَلاَ تُعْتَبَرُ الكِفَايَةُ (ح م ز)، وَلاَ يُعْتَبَرُ حَالُ المَرْأَةِ (ح) في مَنْصِبِهَا، وَالمُعْسِرُ هُوَ الَّذي لاَ شَيْءَ لَهُ وَهوَ المِسْكِينُ الَّذِي يَأْخُذُ سَهْمَ المَسَاكِينِ، وَالمُتَوَسِّطُ هُوَ الَّذي لَوْ كُلِّفَ مُدَّيْنِ لَرَجَعَ إلَى المَسْكَنَةِ، وَمَنْ جَاوَزَ ذَلِكَ فِهُوَ مُوسِرٌ، وَالمُكَاتَبُ والعَبْدُ مُعْسِرَانِ، وَكَذَا من نِصْفُهُ (ز) حُرٌّ وَنصْفُهُ عَبْدٌ، أمَّا جِنْسُ الطَّعَامِ فَغَالِبُ قُوتِ البَلَدِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَا يَلِيقُ بِالزَّوْجِ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: لوجوب النفقة أسباب ثلاثة: مِلْك النِّكاح، ومِلْك اليَمِين،، وَقَرابة البعضية، والأول والثاني يوجبان النفقة للمملوك على المالك دون العكس؛ لاشتغال المَمْلوك وكَوْنِهِ مَحْبوساً برقِّه ليتفرَّغ لمالكه، فجبر ما لحقه من التَّعَب بالقيام بمؤنته.
والثالث: يوجب النفقة لكلِّ واحدٍ من الفريقَيْنِ على الآخر لشمول البعضية والشفقة، والأصل في السبب الأول للإجماع؛ فلا خلاف في وجوب نفقة الزوجَاتِ على الأزْوَاج في الجُمْلة، ثم احتج له من الكتاب بقوله تعالى: {وَعَلَى الْمَوْلُودِ لَهُ رِزْقُهُنَّ وَكِسْوَتُهُنَّ بِالْمَعْرُوفِ} [البقرة: 233] وقوله تعالى: {لِيُنْفِقْ ذُو سَعَةٍ مِنْ سَعَتِهِ وَمَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ فَلْيُنْفِقْ مِمَّا آتَاهُ اللَّهُ} [الطلاق: 7] وقوله: {فَإِنْ خِفْتُمْ أَلَّا تَعْدِلُوا فَوَاحِدَةً أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ ذَلِكَ أَدْنَى أَلَّا تَعُولُوا} [النساء: 3] يقول:

الصفحة 3