كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

وأظهرهما: وقطع به قاطعون: أنها تَجِب؛ لأنها في قَبْضَته، والفوات جاء من سَبَبِ مأذونِ فيه، ومَنْ قال بالأول، فلا بد من أن يَطْرُدَه فيما إذا خَرَج معها.
الحالة الثانية: إذا أحرمَتْ بغير إذنه، فيبنى عَلَى أنه هلْ للزوج تَحْليلها؟ وقد ذكرنا في الحَجِّ أن له أن يُحَلِّلها في حج التَّطَوُّع، وكذا في حَجِّ الفرض على أصح القولَيْن، فإن جوَّزْنا [له] التحليل، فلمْ يَحَلِّلها، فلها النفقة ما لم تخْرُجْ؛ لأنها تحْت يده، وهو قادِرٌ على التحْليل والاستمتاع، وإذا لم يَفْعَلْ، فهو المفوِّت على نفسه، وفيه وجْه: أنها لا تستحِقُّ؛ لأنها ناشزة بالإحرام، والناشزة لا تَسْتَحِقُّ النفَقَة، وإن قدر الزَّوْج على ردِّها إلى الطاعة قهْراً، والظاهر الأول، فإذا خرَجَتْ بغير إذْنه، فلا نفقة لها، فإن خَرَج معها، فعلَى ما تقدَّم، وإن أذن لها في الخروج، فليكن كما لو أنشأت سفَراً بإذنه، وإن قلْنا: ليس له التحليل، فهي ناشزةٌ من وقت الإحرام، مانعةٌ من الاستمتاع، وفيه وجه: أنَّ لها النفَقَةَ ما دَامَتْ مقيمةً؛ لأنها في قبضته، وقد خرج الأمر من يدها بعد الإحرام، بخلاف النُّشُوز الذي تَقْدِر على تركه، وشُبِّهَ ذلك بالخلاف فيما إذا رمى نفسه من شاهق، وتَعذَّر عليه القيام، هل يلزمه القضاء؟ وحكى وجه آخر أو قول مُطْلِقٌ: أن الإحرام لا يؤثِّر في النفقة؛ لأنها تَسْقُط، فرضاً عن نفسها.
الثانية: الصوم أنواعٌ منها صوْمُ رمضان، فلا تُمْنَعَ منه، ولا تَسْقُط به النفقة بحالٍ؛ لوجوبه [على الفور شرعاً] (¬1) وقد يُراوِدُها [الزوج]، إذا كان قد أفْطَرَ لمرض أو قَدِمَ من سفر [هـ] مُفْطِراً. ومنها قضاءُ رمَضَان، فإن تعجَّل لتعديها بالإفطار في رمضان، فلا تُمْنَع منه، وفي النفقة وجهان: المذكور منهما في "التهذيب": أنها لا تسقط ورجَّحه غيره أيضاً.
وفي "التتمة": أنها تَسْقُط؛ لأن فوات حَقِّ الزوج جَاءَ مِن تَعدِّيها، وشبه الخلاف بالخلاف فيما إذا سَلَّم السيد الأمة إلى الزوْج ليلاً لا نهاراً، وإن فات الأداء بعذر وتضيق وقْت القضاء، بأن لم يَبْقَ من شعبان إلا قَدْرُ أيام القضاء، فهو كالأداء، وإن كان الوقْتُ واسعاً، فقد حَكَى صاحب الكتاب وغيره وجهَيْن في أنه: هل يجوز للزوْجِ منْعُها من المُبَادرة إليه؟ وجواب الأكثرين منهم جوازُ المَنْعِ وتنزيله منزلةَ صَوْم التطوُّع، وَيقْرُب من الوجهَيْن وجهان مرويَّان عن "الحاوي" في أنه هل يُمَكَّن من إلزامها الإفطار، إذا شَرَعَت إليه أو هما وذكر صاحبه أنهما مُخرَّجان من القولَيْنِ في جواز التحليل من الحج، وأنه إذا لم يتمكَّن منه، ففي سُقُوط النفقة وجهان:
أحدهما: تَسْقُط، كما في الحج.
¬__________
(¬1) في ز: شرعاً على الفور.

الصفحة 35