كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

الثالثة: فرائض الصلوات الخَمْس لا منع منْها ولا تتأثَّر النفقة بالقيام بها بحَالٍ وهل للزوج المنع من المبادرة إليها في أَول الوقْت؟ فيه وجهان:
الأصح: عدَم المنع، ويحكى عن نص الشَّافعي -رحمه الله- لتجوز فضيلته أول الوقت، ويخالف الحج، حيث جوزنا له المنع من المبادرة إليه؛ لأن زمان الصلاة لا يمتد، ولأن الصلاة في أول الوقت مخصوصة بزيادةِ الفضيلة، والحج في السَّنَة التي تبادر إليها، كالحج في غيرهما في الفضيلة.
والتطَوُّعات المُطْلَقَة كصوم التطوُّع، وفي السنن الرواتِبِ وجهان:
أصحُّهما: أنَّه ليس للزوج منْعُها؛ لتأكدها وتقررها بخلاف النوافل المُطْلقة، وله منعها من تطويلها، وصومُ يومِ عرفةَ وعاشوراءَ في الصيام كرواتب الصلاة، وصومُ يومِ الاثنين والخميس كالتطوُّعات المُطْلَقة، فله المنْع بلا خلاف، وله منْعُها من الخروج لصلاة العيدين والخسوفَيْن، وليس له المَنْعُ من فعلها في المنزل، وقضاءُ الصلواتِ والصلاةِ المنذورةِ كمثلهما في الصوم.
الرابعة: الاعتكاف والخروج له إلى المسجد، إن كان بإذنه، وهو معها, لم تَسْقُطِ النفقة، وإن لم يكن معها، فعلَى الخلاف المذكور للخروج في الحج، وفي كتاب القاضي ابن كج -رحمه الله- وجهٌ: أنه إن قصرت مدته، بأن لم يَزِدْ على يوم، لم يؤَثِّر، ولم يُجْعَلْ ذلك على الخلاف وإن لم يكن بإذْنِه، فإن كان عن تطوُّع أو نَذْراً مطلقاً في الذمةَ سَقَطَت نفقتها وإن كان عن نَذْرِ معيَّن من صوم نذر فإن تأخَّر عن النكاح، فكذلك الجواب، وإن تقدَّم عليه، فلا منع منه، ولا تسقط النفقة به.
وقوله في الكتاب: "ولو منعها من صوم نذرٍ بعد النكاح" التقييد بما بعد النكاح يبين أنَّه لا مَنْع فيما نذرته قبل النكاح، وهذا الفَرْقُ فيما إذا نَذَرتْ أيَّاماً معينة على ما بيَّنَّا، فأما عند الإطلاق، فله المنع في الحالَتَيْن، هذا هو الظاهر المشهور، ونقل إبراهيم المروروذي فيه وجهَيْنِ، سواء نَذَرَتْ قبل النكاح أو بعده.
وقوله: "فإن لم يُحَلِّلْها، فَفِي النَّفَقَةِ وَجْهَانِ، كما في الإحْرَام" يعني في الصوم المعيَّن المنذور بعد النكاح، وكذلك الحُكْم في صوم التطَوُّع، وفي "البسيط" وغيره: أن الوجهَيْنِ في الصَّوْم مُرَتَّبان على الوجهَيْن في الإحْرام، وأن صورة الصوم أَوْلَى بالاستحقاق؛ لأن الاستمتاع هاهنا جائزٌ من غير أن يُقَدِّم تحليلاً، ويكون الجِمَاع تحليلاً، وفي الإحرام لا بد، وأن يحلِّلها أولاً ثم يجامع.
فرع: قال في "التتمة": لو كانَتْ قد أجَّرتْ نفْسَها قبل النكاح إجارةَ عَيْنِ، لم يكن للزوج منْعُها من العَمَل، ولا تستحقُّ النفقةَ عليه، وعن "الحاوي": أن له الخيارَ إنْ كان

الصفحة 37