كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

جاهلاً بالحال؛ لفوات الاستمتاع عليه بالنهار، وأنَّه لا يَسْقُطْ خِيَاره، بأن يرضى المستأجر بالاستمتاع نهاراً، فإنه متبرع بذلك، وقد يرجع فيه، والله أعلم.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: المَانِعُ الرَّابعُ: العِدَّةُ، وَالمُعْتَدَّةُ المُطَلَّقَةُ إنْ كَانَتْ رَجْعِيَّةً فَلَهَا النَّفَقَةُ إلاَّ إِذَا أُحْبِلَتْ مِنَ الشُّبْهَةِ وَتَأخَّرَتْ عِدَّةُ الزَّوْج وَقُلْنَا: لاَ رَجْعَةَ لَهُ فِي الحَالِ فَلاَ نَفَقَةَ، وَإِنْ قلنَا: لَهُ الرَّجْعَةُ فَفِي النَّفَقَةِ وَجْهَانِ وَقِيلَ بِعَكسِ ذَلِكَ.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: المعتدَّة الرجعيَّةُ تستحِقُّ النفقة والكُسْوة وسائر المؤنات؛ لِبَقَاءِ حبْس الزوج وسُلْطَته، ويستثنى من المؤنات آلةُ التنْظِيف، فإن الزوج مُمْتَنِعٌ عنها، ذكره في "البسيط" وغيره، ولا فَرْقَ بين أن تكون الرجعية حُرَّةً أو أمة، حائلاً أو حاملاً، ولا تسقط نفقتها إلا بما تسقط به نفقة الزوجات (¬1) وتستمر إلى انقضاء العدَّة بِوَضْع الحمل أو غيره، ولو ظَهَر [ت] بها أماراتُ الحمل بَعْد الطلاق، فعلى الزَّوْجِ الإنفاق علَيْها، وإذا أنْفَقَ، ثم بأن أنه لم يكن حَمْلٌ، فله استرداد ما دَفَعَ إليها بعْد انقضاء العِدَّة، وتُسْأَل عن قَدر الأقراء، فإن عَيَّنَت قدْرَها، صدَّقْناها باليمين، إن كَذَّبها الزوج، ولا يمين إن صدَّقَها، وإن قالتْ: لا أعلم متى انقضت عدتي، سألْنَاها عن عادة حَيْضها وطُهْرها، فإن ذَكَرَتْ عادةً مضبوطةً، بنينا الأمر على قَوْلِها، وإن قالت: عادتي مختلفة، أخذنا بأقلِّ عاداتها، ورجع الزَّوْج فيما زاد فإنه المستيقن، وهي لا تَدَّعي زيادةً عليه، وإن قالت: نسيت عادَتِي، فعن نص الشافعيِّ -رضي الله عنه-: أنه يرجع في نفقة ما زاد على نفقة ثلاثة أشهرٍ، ويأخذ بغالب العادات، وقال الشيخ أبو حامد: يُكتب الأمْرُ عَلَى أقلِّ ما يمكن انقضاء العدَّة فيه، وهذا ما أورده أبو الفَرَجِ السرخسيُّ، والخلاف قريب من الخلاف في مَرَدِّ المبتدأة، وإن انقطع الولد الذي أتت به عنه، بأن ولَدَتْ لأكثر من أربع سنين، إما مِنْ وقْت الطلاق أو مِنْ وقْتِ انقضاء العدة على اختلافٍ سَبَق، سئِلَتْ عن حال الولَدِ، فإن قالت: هذا الولد من زوج نكحته، أو من وطء شبهة، وقع بعد إنقضاء ثلاثة أقراءٍ، فعليها رَدُّ المأخوذ بعد الثلاث؛ لاعترافها بانقضاء العدة بها، وإن قالَتْ: وقع ذلك في أثناء الأقراء فقد انقطعت عدَّتها بوطء، الثاني وإحباله، فتعود بعد الوضع إلى ما بَقِيَ منْها، وعليه النفقة في البقيَّة، وأَما في مدَّة الحَمْل، فيبنى على أنه هل للزَّوْج الرجْعة فيها؟ وفيه وجهان قد سَبَقَ ذكرهما في "كتاب الرجعة" و"العِدة" وفي كيفية البناء طريقان:
¬__________
(¬1) وفي الإطلاق نظر، وقد قال الإِمام في باب الحضانة إذا حضنت يعني الرجعية ولدها من غيره من غير رضاه وكان المسكن لها فالمذهب أن نفقتها لا تسقط إذ ليست ناشزة، فإن الناشزة المانعة حق زوجها. وقال الشيخ أبو علي: الظاهر عندنا السقوط كما لو كانت في صلب النكاح، فإن الرجعية تستحق نفقة الزوجة فتسقط نفقتها بما يسقط نفقة الزوجات.

الصفحة 38