كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

الولد على الوالد تجب نفقته على الوالدة في الجملة؛ لشمول معنى البعضية ورد الشهادة، والعتق بالمِلْك، وعنْد مالك: لا نفقة على الأُمِّ بحال، وأَغْرَبَ القاضي ابن كج، فنَقَلَ أن أبا الحُسَيْن حَكَى وجْهاً مثله، وكما تجب نفقة الأولاد، تجب نفقة الأحفاد، وعند مالك: لا نفقة على الجَدِّ بحال، وكما تجب نفقة الوالدين على الولد تجب عليه نفقة الأجداد والجدات خلافاً لمالك أيضاً، ولم يوجب نفقة الأم على الولد أيضاً، ويستوي في أصل الاستحقاق الذكَرُ والأنْثَى والوارثُ وغيْرُ الوارث، والقَرِيب من الأحفاد والأجداد والبعيد، ولا يُشْتَرَط اتفاق الدَّين (¬1)، كما لا يُشْترط اتفاق ذلك في العتق بالملك، وفي كتاب القاضي ابن كج وجْه أنه لا يجب على المُسْلِم نفقة الكافر، ولا يُلْحَق بالأصول والفروع سائرُ الأقارِبِ؛ كالأخ والأخت والعم والخال والخالة وأولادهم، ويختص وجوب النفقة بقرابة البعضية، وعنْد أبي حنيفة: تجب نفقة كل ذي رَحِمٍ محرم، لكنَّه شرط اتفاق الدين، فقال الأصحاب: ولو كانت هذه القرابة موجبةً للنفقة، شرط اتفاق الدين، كما في قرابة البعضية، وعن أحمد اعتبار العصوبة، ويُرْوَى عنه اعتبار الإرْثِ، حتى تجب على ابن العَمِّ نفقة ابنِ العمِّ، ولك أن تُعْلِم بعد الوقوف على هذه المذَاهِبِ قوله: "بقرابة البعضية" بالميم والألف والواو.
وقوله: "دون المَحْرَمِيَّةِ" بالحاء.
الثانية: لا تجب النفقةُ إلا على المُوسِر، وهو الذي يَفْضُل عن قوت يومه وليلته وقُوتِ عياله ما يصْرِفه إلى القريب (¬2)، فإن لم يفْضُل شيْءٌ، فلا شيء عليه؛ لأنه ليس
¬__________
= وكلتاهما لا يعرفان، وزعم الحاكم في موضع آخر من مستدركه بعد أن أخرجه من طريق حماد ابن أبي سليمان، عن إبراهيم عن الأسود عن عائشة بلفظ: وأموالهم لكم إذا احتجتم إليها، إن الشيخين أخرجاه باللفظ الأول، ووهم في ذلك وهماً لا ينفك عنه, لأنه قد استدركه فيما قيل، وقال أبو داود في هذه الزيادة وهي: إذا احتجتم إليها، إنها منكرة، ونقل عن ابن المبارك عن سفيان قال: حدثني به حماد ووهم فيه، وفي الباب عن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده: أن أعرابياً أتى النبي -صلى الله عليه وسلم- فقال: إن لي مالاً وولداً ووالدي يريد أن يجتاح مالي، قال: أنت ومالك لأبيك إن أولادكم من أطيب كسبكم، فكلوا من كسب أولادكم، أخرجه أحمد وأبو داود وابن خزيمة وابن الجارود.
(¬1) قال في القوت: يشبه أن يكون محل الوجوب في المعصوم أما المرتد والحربي فلا نفقة له بحال، وأفتى ابن الصلاح بأنه لا يلزم الولد نفقة أب قصر على الجادة. قال: ولم أجدها مسطورة، ولكنها ظاهرة الحجة فإنا نوجب نفقة القريب صيانة له من العطب، وهذا يستحق الإهلاك كما لا يبذل الماء إلى المرتد العطشان. انتهى.
ولا خفاء أن كلام الشيخ في الأحرار أما الأرقاء فلا نفقة عليهم ولا لهم أصل أو فرع.
(¬2) قال في الخادم: اقتصاره على القوت ناقص كما قاله في المطلب فقد قال القاضي الحسين: لا بلزم نفقته أحد من الأقرباء حتى يفضل عن مؤنته عن طعامه ومسكنه وملبسه وما يقام عليه =

الصفحة 66