كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

عاقلاً، صغيراً أو كبيراً، زمِناً أو صحيحَ البَدَنِ، ومن يكتسبْ ويغنيه كسبه، فكذلك، ومَن لا مال له ولا كَسْبَ، يُنْظَرُ في حاله؛ إن كان به نقصان حُكْماً؛ بأن كان صغيراً أو مجنوناً أو خِلْقةً؛ بأن كان زَمِناً، فيجب على القريب نفقته؛ لِعَجزِه عن [كفاية] (¬1) نفسه، وأَلْحَق صاحب "التهذيب" بالزَّمِن ما إذا عجز لمرض أو عمًى، فإذا بلغ الصغير [والمجنون] حَدّاً يمكن أن يَعْلَم حرفة أو يحمل على الاكتساب، فللوليِّ أن يَحْمِلَه عليه، وينفق عليه من كسبه، لكن لو هَرَبَ عن الحرفة، وترك الاكتساب في بعض الأيام، فعلى الأب الإنْفاقُ علَيْه وبمثله أُجِيبَ إذا كانَ لا يليق بحاله الحِرْفَة، فإن لم يكن به نقصان لا في الحْكْم، ولا في الخِلْقة، لكنه لا يكتسب، فإن كان الفرع بهذه المثابة، ففي وجوب نفقته على الأَصْل طريقان:
أظهرهما: أن فيه قولَيْنِ:
أحدهما: وبه قال أحمد: أنها تجب, لأنه يقبح أن يكلِّف قريبه الكسب مع اتساع ماله.
والثاني: المنع؛ لأنه قادر على الاكتساب، مستغْنٍ عن أن يحمل غيره كلّه، وهذا أصحُّ عند الأصحاب، [قال في "العدة"] (¬2): لكن الفتْوَى اليوم على الوجوب، والثاني: القطع بالقول الثاني، ولا فرق على القولين بين الابن والبنت.
وقال أبو حنيفة ومالك: لا تجب للابن، وتجب للبنت إلى أن تتزوَّج؛ لعَجْزها عن الاكتساب، ثم لا يعود استحقاقُ النفقة بالطلاق عنْد أبي حنيفة، وقال مالك: إن كان الطلاق قبل الدخول، عاد، وإن كان بَعْده، فلا، ومنع الأصحاب عجْزها، وقالوا: هي تَقْدِر على الاكتساب بالغَزْل والخدمة وغيرهما.
وإن كان الأصل بالمثابة المذكورة، ففي وجوب نَفَقَتِهِ على الفرع القولان ومال ها هنا جماعة إلى ترجيح الوجوب، قالوا: إن الوَلَد مأمورٌ بأن يصاحب والديه بالمعروف على ما قال تعالَى: {وَصَاحِبْهُمَا فِي الدُّنْيَا مَعْرُوفًا} [لقمان: 15] وليس من الصحبة بالمعروف تكليفُهما الكَسْبَ على كِبَرِ السن، وامتنعوا من طَرْد طريقة القطْع في هذا الطرف؛ لِعِظَم حرمة الوالدين، ولذلك اختصا بسقوط القِصَاص، ووجب إعفاف الأب، وإذاَ جَمَعْتَ بين الطَّرَفَين، حصلَتْ ثلاثة أقوال: قولان مُطْلَقان، وقول مفصِّل بين الفروع والأصول. هذه هي الطريقة المشهورة للأصحاب، ولم يفرِّقوا بين اكتساب واكتساب، ومنهم مَنْ وضع الخلاف أولاً في اشتراط العَجْز عن الكسب اللائق به، ثم قالوا: إن شَرَطَ ذلك، ففي اشتراط العجْز عن كل
¬__________
(¬1) سقط من: ز.
(¬2) سقط من: ز.

الصفحة 68