كتاب العزيز شرح الوجيز المعروف بالشرح الكبير ط العلمية (اسم الجزء: 10)

يصلح لصنْعَة، فللحاكم أن يُوَلِّيَ ابنه إجازته، وأخذ نفقة نفسه من أجرته.
قَالَ الْغَزَالِيُّ: وَيجِبُ عَلَى الأُمِّ أنْ تُرْضِعَ وَلَدَهُ اللِّبَأَ الَّذِي لاَ يَعِيشُ إلاَّ بِهِ، ثُمَّ لَهَا الأُجْرَةُ عَلَى الأَبِ، وَلاَ يَجِبُ (م) عَلَيْهَا الإِرْضَاعُ إلاَّ إِذَا فُقِدَ غَيْرُهَا، فَإِنْ رَغِبَتْ بِأُجْرَةٍ وَرَغِبَتْ أَجْنَبيَّةٌ مَجَّاناً وَجَبَ الأَجْرُ عَلَى أَحَدِ القَوْلَيْنِ نَظَراً لِلطِّفْلِ، وَلِلزَّوْجِ مَنْعُهَا مِنَ الإِرْضَاعِ لِحَقِّ الاِسْتِمْتَاعِ إِذَا وَجَدَ مُرْضِعَةً أُخْرَى.
قَالَ الرَّافِعِيُّ: يجب على الأم أن ترضع ولدها اللبأ (¬1) لأنه لا يعيش إلا به هكذا اْطلقوه، والمراد الغالب أو أنه لا يقوى ولا تشتد بينته إلا به وإلا فنشاهد هل يعيش بلا لبأ ثم لها أن تأخذ الأجرة عليه إن كان لمثله أجرة، ولا يلزمها التبرع بإرضاعه كما أن مالك الطعام يلزمه بذلِ الطعام للمضطر ولكن بالبدل، وفيه وجه منقول عن الحاوي أنه لا أجرة لها لأنه حتى تعين عليها، والأب عاجز عنه فهو كما إذا أيسرت بالنفقة والأب معسر، ثم إذا لم يوجد بعد سقي اللبأ مرضعة أخرى وجب عليها الإرضاع إبقاء للولد، وكذلك لو لم يوجد إلا أجنبية فإن وجد غيرها وامتنعت من الإرضاع لم تجبر (¬2) عليه سواء كانت في نكاح الأب أو بائنة، وسواء كانت ممن يرضع مثلها الولد في العادة أو ممن لا يرضع لقوله تعالى: {وَإِنْ تَعَاسَرْتُمْ فَسَتُرْضِعُ لَهُ أُخْرَى} [الطلاق: 6] وإذا امتنعت فقد حصل التعاسر، وبهذا قال أبو حنيفة وأحمد وعن مالك روايتان:
إحداهما: أنه لا يلزمها الإرضاع.
وأشهرهما: أنه يلزمها الإرضاع إن كان مثلها يرضع الولد في العادة.
وإن رغبت الأم في الإرضاع فأما أن تكون في نكاح أب الرضيع أو مفارقة.
الحالة الأولى: إذا كانت في نكاحه فهل للزوج منعها؟ فيه وجهان:
أحدهما: وهو اختيار القاضي الطبري لا لأنها أشفق على الولد من الأجنبية، ولبنها له اصلح وأوفق.
وأقواهما: وهو اختيار الشيخ أبي حامد له المنع لأنه يستحق الاستمتاع في
¬__________
(¬1) قال الأذرعي: قيل لم يتعرضوا لمدة إرضاعه اللبأ الواجب عليها إرضاعها إياه منها، وظاهرها الاكتفاء بمرة واحدة. وقال الرافعي في القصاص: مدة إرضاعه اللبأ مدة يسيرة، ولم يزد على هذا، ويشبه أن يرجع في مدته التي لا يستغني الولد عنها إلى أهل الخبرة، فإن قالوا: يكفيه مرة بلا ضرر يلحقه كفت ولا عمل بقوله.
(¬2) ومراده أنه يجب على الأجنبية إذا لم يوجد غيرها كما يجب على الأم إذا لم يوجد غيرها, وليس المراد أنه يجب على الأم مع وجود الأجنية وإن كانت واحدة.

الصفحة 73